على قارعة الطريق الرابطة بين فاس وأزرو، مرورا بإفران، حيث الأطلس المتوسط إحدى أجمل مناطق المغرب، تنشط تجارة الأحجار الكريمة والمستحثات (الحيوانات المتحجرة). ويرقب ممتهنو هذه الحرفة، هنا وهناك، مرور كواكب السياح نحو الصحراء أو مدينة فاس ليبيعوهم ما بحوزتهم من هذه الكنوز التي لا تقدر قيمتها العلمية والأركيولوجية بثمن. فبمجرد الاقتراب من مركز إيموزار كندر، بوابة الأطلس المتوسط من جهة فاس، حتى يطالع المسافر أول تاجر يعرض أحجارا كريمة ومستحثات للبيع، وهو شاب، في عقده الثالث، وضع طاولة خشبية قرب حاجز الثلج يعرض عليها أشكالا متنوعة الألوان من الأحجار البراقة ومستحثات متحجرة تعود لكائنات انقرضت منذ زمن غابر، إلى جانب ديكورات منحوتة من الحجر الصقيل المستخرج من جبال المنطقة. صاحب هذا المتجر المفتوح على قارعة الطريق للمستحثات والأحجار الكريمة، والذي رفض الحديث للجريدة، لكونه، حسب ما قال، لا يعرف أسماء ما يعرضه من أحجار ومتحجرات، اكتفى بالإشارة إلى أن السياح هم من يعرفون قيمة ما وصفه بالمعادن الصخرية والبقايا المتحجرة لمخلوقات بحرية عاشت قبل ظهور الإنسان. وغير بعيد عن حاجز الثلج كان عبد الله آيت وادفيل، من منطقة آيت غروشن بضواحي إيموزار كندر، يعرض بضاعته، فيما انزوى تحت ظل شجرة لحماية نفسه من أشعة الشمس الحارقة، في انتظار توقف إحدى المركبات العابرة للطريق علها تحمل زبونا يبحث عن ضالته على طاولته التي غصت بأحجار ومتحجرات مختلفة الأنواع والأشكال. "أسترزق من بيع الأحجار والمتحجرات، ومنطقتنا مشهورة بحجر "الكرانيت" ومستحثات الحوت"، يقول عبد الله، مشيرا إلى أنه لا يعرف ما يفعله السياح الأجانب بهاته الأحجار والمستحثات. وأ ضاف بأنهم معجبون كثيرا بالأحجار الكريمة والمستحثات. "أعرض للبيع الأحجار الكريمة، التي تكونت بفعل البركان أو بتمازج عوامل طبيعية مختلفة منذ أزيد من 30 سنة، كما أهتم بتجارة الحفريات التي تعود حقبتها إلى ملايين السنين"، يقول، من جانبه، حدو بوخرطة من منطقة أغاغ تيزكيت بإقليم إفران. ويضيف حدو لهسبريس "انتساب هذه الأحجار والمستحثات إلى زمن غابر يؤكده الجيولوجيون والأركيولوجيون الأوربيون في أبحاثهم، كما أن العرب سبقوهم إلى ذلك، وأشاروا إلى هذا في كتبهم، ونحن ليست لنا علاقة باستخلاص المعادن النفيسة، مثل الفضة أو الذهب. نحن نعرض للبيع أحجارا غير مألوفة للزينة وللبحث العلمي". حدو الذي يعرض بضاعته على قارعة الطريق قرب مدينة إفران، أوضح أن ممتهني هذه الحرفة، بالإضافة إلى عرضهم الأحجار الكريمة والمستحثات الأصلية، يبيعون أحجارا للديكور يتم صقلها باستعمال الآلات، مشيرا إلى أن الإقبال على معروضاتهم يكون غالبا من طرف قوافل السياح الأجانب؛ نظرا لكون طريق فاس أزرو يشكل معبرا لهم نحو فاس ومرزوكة والريصاني وأرفود. حدو، الذي يظهر من حديثه بأنه اكتسب خبرة كبيرة في تجارة الأحجار الكريمة والحفريات، كشف للجريدة أنه يعرض أنواعا كثيرة من الأحجار الكريمة، مثل أحجار "أراكونيت"، التي قال إنه يجلبها من جبال تازوطة بنواحي صفرو. وأوضح أن هذه الصخور "سميت بهذا الاسم لأنها اكتشفت لأول مرة بولاية أراكون الإسبانية، وعندما تم العثور عليها بالأطلس المتوسط أبقي لها على الاسم نفسه". "هذه اسمها "ملاشيت"، وهذه "الكوارتز" أو البلور، الذي يسميه العرب المرو، وتلك هي "لميتست"، وهي من عائلة "الكوارتز"، أما تلك الأحجار فهي من نوع "لفاندينيت"، أما هذه الحجارة فهي من "الكوارتز" المخلوط بشعيرات المنغنيز"، يقول حدو، مشيرا إلى أن قيمة الأحجار اللامعة والمستحثات، التي قال إنها تؤرخ لعمر الدول، تتمثل في كون جمالها صنع طبيعي يسر الناظرين ويغري الباحثين الأجانب، الأوربيين على الخصوص. من جانبه، قال التاجر سعيد، المتخصص في بيع المستحثات والأحجار الكريمة، إنه بدأ ممارسة هذه التجارة على قارعة الطريق بين إيموزار كندر وإفران قبل 20 عاما، مشيرا إلى أنه يشتري الأحجار والمستحثات من أشخاص ينقبون عنها في جبال الأطلس المتوسط، سواء بإقليم إفران أو خارجه. وأضاف "من المستحثات، التي نعرضها للبيع ويقبل عليها السياح الأجانب، هناك "لامونيت"، التي عمرها ملايين السنين، والتي نقتنيها من الحفارين بمبلغ 1500 درهم، كما أن هناك "فاكوبست" و"لابروكبود"، وهي أسماء حيوانات منقرضة تحجرت في الصخور. ومن الأحجار الكريمة التي يزخر بها الأطلس المتوسط نجد "لامتيست" البنفسجية"، قبل أن يختم تصريحه قائلا: "هناك خير كثير في بلادنا المغرب".