وسط جبال الأطلس المتوسط، وبين مدينتي فاسوإفران، تتربع إيموزار كندر على عرش الطبيعة الخلابة وتزخر ببساتين التفاح والخوخ والرمان والتين… وتنعم بالمياه العذبة المنهمرة من عشرات العيون المحيطة بها وفي مقدمتها عين سلطان الشهيرة، وضاية عوا، ويطيب هواؤها البارد بروائح الأعشاب الطبيعية المحلية بكل أنواعها… يقصدها الزوار من كل حدب وصوب، لكنها مدينة تحتاج إلى عناية أكبر من المسؤولين بالمنطقة، كي ترقى إلى مستوى كبار المدن التي توفر سياحة جبلية رائدة عنوانها الهدوء والسكينة وروعة الطبيعة على سجيتها … بقلب جبال الأطلس المتوسط، ووسط أشجار الأرز وأشجار التفاح والخوخ… وعلى بعد حوالي 35 كيلومترا من المدينة العلمية فاس، تتربع مدينة «إيموزار كندر» على عرش الطبيعة الخلابة، لتطل من علو شاهق على غابات الأرز وحقول التفاح والخوخ والرمان والشلالات المتناثرة هنا وهناك، وتُنصت إلى نبضات خرير المياه الآتية من أعلى قمم الجبال المحيطة بها ومن منابع عيونها الفياضة … عندما تطأ قدماك مدينة إيموزار تعتقد أنها مجرد «فيلاج» بسيط يمكنك المرور عليه مرور الكرام في اتجاه مدينة إفران الشهيرة، لكن الحقيقة أن إيموزار لها من المؤهلات ما يجعلها تشد الزائرين إليها، سكان إيموزار أناس طيبون يتكلمون بصوت خافت وكأنهم ألفوا الهدوء والسكينة في تلك المنطقة الجبلية من الأطلس المتوسط . نظرات عيونهم الزرقاء والخضراء توحي لزائري إيموزار بأنهم لا محالة في منطقة مميزة. يسهر على أمنها رجال الدرك لكن زائرها يتساءل عن سر تواجد بناية ضخمة موصدة لمفوضية الشرطة بها، وعند سؤالنا عن الأمر علمنا أنها قريبا ستنضم رسميا إلى حاضرة مدينة فاس العلمية القابعة في سفحها. عين سلطان تزخر إيموزار بالعشرات إن لم نقل المئات من الشلالات التي لازال خرير مياهها يُسمع من بعيد، بالرغم من كوننا في فترة الصيف، مصدر تلك الشلالات في الغالب يكون عيون إيموزار الفياضة بالمياه، وعلى رأسها «عين سلطان» المتواجدة على بعد أمتار قليلة من وسط مدينة إيموزار، هذه العيون التي يقصدها زوار المدينة للاستمتاع بطراوة هوائها وبرودة المكان وسط أشجار الأرز وأشجار جبلية أخرى من مختلف الأنواع، بمجرد بلوغك عين سلطان يستقبلك أبناء المنطقة الذين يعرضون عليك حصيرا بلاستيكيا للكراء أو «براد» شاي ساخن أو «طبلة» أو أواني قد تحتاجها لقضاء اليوم بجنبات عيون السلطات الفياضة. أسر صغيرة وعائلات كبيرة اختارت الأماكن بعناية كبيرة للظفر بلحظات متعة وهدوء بالقرب من مياه عيون سلطان، التي يتهافت الجميع على شربها مباشرة من منبعها، أو يتسابقون لملء قارورات منها مباشرة لحملها معهم عند عودتهم أدراجهم مساء. نساء وفتيات يتنقلن بين الزوار لعرض خدماتهن في نقش الحناء على الأيادي أو الأرجل، وباعة متجولون اعتادوا البحث عن رزقهم من زوار العين في مثل هذه الفترات من السنة. «المكان هادئ ورائع» يقول أحمد أحد زوار العين من مدينة الرباط، «جئنا إلى المنطقة لتغيير الأجواء والاستمتاع بلحظات هدوء بين أحضان الطبيعة والجبال»، لكن يقول أحمد مثل هذه العين تحتاج إلى عناية كبيرة من المسؤولين عليها، فالمكان مليء بالنفايات التي يتركها في الغالب زوار المنطقة لعدم توفرها على حاويات أزبال منظمة، كما أن بعض الفضاءات الخضراء يتم اغتصابها بشكل فج من طرف بعض الزوار الطائشين، وقال بحسرة لماذا لا يستغل المسؤولون المياه الضائعة في توفير مسبح نظيف يستفيد منه الأطفال على الأقل في الترفيه. ولماذا لا يتم تخصيص أماكن خضراء محروسة للنزهة بهذه العين؟ ضاية عوا الساحرة على بعد أربعة كيلومترات ونصف من وسط إيموزار، في الطريق إلى مدينة إفران يسارا، تُبهر الزائرين لإيموزار بحيرة كبيرة جدا احتضنتها جبال الأطلس وخضرة أشجارها الكثيفة، إنها «ضاية عوا»، التي يقصدها زوار إيموزار وزوار مدينة إفران وسكان مدينتي فاس ومكناس بالخصوص بحثا عن الهدوء والسكينة وجمال مياه الضاية المزركشة بشتى أنواع الطيور المائية. «ضاية عوا» هي بُحيرة محمية تتواجد على بعد أمتار قليلة من إحدى الإقامات الملكية القديمة التي لازالت عناصر الجيش والدرك والحرس الملكي تقف على بابها لحراستها بالتناوب. يقصد الزوار جنبات الضاية لقضاء يوم كامل أو نصف يوم على ضفاف مياهها، أغلب زوار الضاية هم من الأسر والعائلات، الذين يفضلون السياحة الجبلية على سياحة الشواطئ أو الذين فضلوا تغيير أجواء قضاء العطلة بالشواطئ. متعة زيارة الضاية تقول وفاء وهي سيدة من فاس كانت برفقة زوجها وأبنائها، «تكمن في الهدوء وطهي الأكل بالطرق البدائية والاستمتاع بأطباق الطاجين والشواء في الهواء الطلق، وكذا الاستمتاع بتناول كؤوس الشاي في الطبيعة «، من مميزات زيارة الضاية تقول وفاء إطلاع الأبناء على جمال الطبيعة ببلادنا، واكتشاف أسرارها. وبالنسبة لنا تضيف وفاء هي فرصة للابتعاد عن ضجيج المدينة و»صداع الراس ديالها « قبل العودة إلى العمل بنفس جديد …خالد رجل في الأربعينيات من عمره ملتح كان بجانب زوجته التي تضع خمارا استحسن هو الآخر قضاء العطلة الصيفية أو جزء منها بمنطقة جبلية لأنها أرحم بالنسبة إليه من الشواطئ التي قال إنها مليئة بالمشاهد التي أصبحت مخجلة وتُحرج الأسر المغربية المحترمة، مضيفا أن مثل هذه الأماكن تُعد متنفسا وبديلا لمن يرغب في قضاء عطلة رفقة أبنائه وأسرته في سلام . بضاية عوا يمكن للزوار الاستمتاع بركوب الزوارق الصغيرة والقيام بجولات وسط الضاية الممتدة على مساحة تزيد عن 130 هكتار وبإمكانهم السباحة بمنطقة محروسة محددة بها، كما يمكنهم الاستمتاع بركوب الخيل بمنطقة مخصصة لذلك بجنبات الضاية. أبناء المنطقة يؤكدون أن جمال الضاية يزداد روعة في فترات الربيع وفترات نزول الثلوج… إيموزار عاصمة التفاح والخوخ ينبهر زوار مدينة إيموزار بأنواع التفاح والخوخ المعروضة على جنبات الطريق المؤدية إليها من مدينة فاس أو من إفران، لكن هذا الانبهار سرعان ما ينقشع بعدما يعلم أنه وسط عاصمة التفاح والخوخ بالمغرب، ووسط غابات أشجارها المعطاءة. مدينة إيموزار ينعتها الكثيرون بعاصمة التفاح لكونها أكبر مصدر لهذه الفاكهة الغنية بالمغرب، إلى جانب فاكهة الخوخ. ثمن الكيلوغرام الواحد من التفاح الجيد يتراوح هنا بين 4 دراهم و7 دراهم، وثمن الخوخ بين 4 دراهم و8 دراهم للكيلوغرام الواحد. بأحد الأسواق الشعبية وسط |إيموزار تجد نساء وأبناء المنطقة يعرضون منتوجاتهم من التفاح والخوخ والتين والجوز…في أكياس بلاستيكية ويبيعونها بأبخس الأثمان لزوار المنطقة في منظر يوحي بكرم المنطقة وعطاء طبيعتها اللامحدود، تشتهر إيموزار كذلك بكونها منطقة الأعشاب الطبيعية بامتياز، بحيث لا يمكن لأي زائر من زوارها أن يقاوم إغراء الأعشاب الطبيعية المعروضة عليه من «فليو»، «الزعتر»، «اليازير»، «مانتا» و«الخزامة»… وأعشاب أخرى تزخر بها جبال الأطلس الصغير والتي أكد تجارها أن أشهر المعشبات بالمغرب تتهافت عليها على مدار السنة… فنانون ومثقفون من زوار المدينة أكد سعيد وهو أحد أبناء المنطقة العارفين بخباياها أنه صادف العشرات من الفنانين والمثقفين والرسامين …الذين يفضلون قضاء فترات من عطلتهم بين أحضان جبال إيموزار الهادئة، وقال إن له علاقات وطيدة بعدد منهم يتصلون به سنويا لحجز بيوت ومنازل بمميزات معينة توفر لهم الهدوء والسكينة التي يبحثون عنها لاستلهام أفكارهم وإبداعاتهم. كما أكد سعيد الذي يشتغل وسيطا في مجال الكراء على طول السنة، أنه التقى غير ما مرة بشخصيات مغربية معروفة قصدت إيموزار الهادئة رفقة أسرهم أو بمفردهم. ثمن كراء شقة لأسرة متوسطة يتراوح بين 300 و700 درهما بحسب المواصفات التي تتوفر عليها، وهناك من يفضلون حجز غرف بفنادق إيموزار المعروفة، فيما تفضل أسر أخرى كراء فيلات وسط الجبال بحثا عن هدوء أكثر سكينة. عدد من زوار المدينة من المعجبين بها فضلوا اقتناء بيوت خصصوها لفترات الاصطياف فقط، وهناك مشاريع سكنية حديثة تم إطلاقها بالمدينة بعد سنوات من الجمود العقاري، الأمر الذي شجع بحسب سعيد مجموعة من الموظفين من الطبقة المتوسطة على اقتناء شقق اقتصادية لتحويلها إلى سكن ثانوي لقضاء العطل بإيموزار.
بنية تحتية مهترئة زوار مدينة إيموزار ممن تحدثوا إلى الجريدة، عبروا عن استيائهم من تردي البنية التحتية لهذه التحفة الجبلية السياحية، وانتقدوا بطء الأشغال بها وبطء عمليات إعادة تهيئة مجموعة من الطرقات والأزقة بأحياء إيموزار، فبالرغم من إطلاق مجموعة من مشاريع تهيئة الشوارع المعلنة في لافتات كبيرة وسط المدينة. تبقى أحياء عديدة دون مستوى التطلعات من حيث البنية التحتية وكذا مستوى النظافة، كما أن الحديقة الوحيدة المتواجدة وسط المدينة لا تحظى بالعناية اللازمة من طرف المسؤولين، وتتعرض للتخريب من طرف بعض المتهورين من زوار المعرض وساحة الألعاب التي نصبت ظلما بجانبها. وطالب المتحدثون إلى «المساء» القائمين على الشأن المحلي بهذه التحفة الجبلية بضرورة العناية بها أكثر وإيلائها المكانة التي تستحقها على اعتبار أنها واحدة من المحطات الرائدة في مجال السياحة الجبلية بالمغرب. وواحدة من المناطق التي تزخر بطبيعة خلابة تجذب إليها السياح من كل حدب وصوب، ولها مستقبل قد ينافس مدينة إفران من حيث عدد الزوار مستقبلا…