جميل أن تستشهد الدكتورة منيب بكارل ماركس وطوماس بيكيتي، لكي تترك "الإرث المشترك"، أي القرآن، في سلام. أقول هذا تتابعا للرسالة التي وجهتها إلى السيدة، والمنشورة على هسبريس. الكثير من المثقفين واجهوني بفكرة "الإرث المشترك" في إشارة منهم إلى أن اليسار هو الآخر يمكنه تضمين آي الذكر الحكيم في خطاباته..لكنني لازلت مقتنعا بأن الذي يعيب سلوك استعمال الخطاب الديني من طرف الإسلام السياسي لا يسوغ له أن يأتي السلوك نفسه.. و"نحن شعب لا يستحي" كي تستحي ماء العينين وكي نخاطب زاويتها ب"المنافقون في الدرك الأسفل من النار". يكفي يا أستاذة منيب أن نظرية الشرعية في الحكم عندنا بدأت يوم خميسٍ ما "يقال عنه" إن النبي الأعظم كان يحتضر فطلب ما طلب..لكن تخاصمت عنده الأصحاب؛ فقال أحدهم "حسبنا كتاب الله". ومباشرة في السّقيفة اكتملت نظرية الشرعية عند هؤلاء بآي الشورى؛ لكن في غياب من كان يغسّل ويجهّز جنازة النبي الأعظم.. قد يبدو غريبا هذا الربط؛ خصوصا وأننا وطّأنا "ببرودة" الرأس مال عند كارل ماركس لكي ننتقل إلى "سخونة" أساس وأصل "الشّرعيه" عندنا ! وهو ليس كذلك ما دمنا نبرهن ونسْبر الخطوط العريضة لاستعمال "الإرث المشترك" كما يقولون.. إذاً بعد وضع دعائم المدرسة القرآنية بكلمة "حسبُنا كتاب الله"، وبعد استعمال الشورى، انتقل الخوارج مباشرة إلى قرارهم المعروف "إنِ الحُكم إلا لله" لكي ينتقل ما يعرف بالإخوان إلى "كونوا عباد الله إخوانا"، ومنهم اقتبست الجماعة عندنا "إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان"..كثير وكثير حتى إن الذي لا يقتطع آيا من الذكر الحكيم يستعمل له خاتم النبوّة كما فعلت "داعش". وللمستملحة فقط، عندما كان قدَر زعيم حزب الله في لبنان اسمه نصر الله؛ كان البعض يقول: "إذا جاء نصرُ الله"؛ فأسرعت السعودية إلى خلق جيش الفتح في سوريا؛ كي تكتمل "إذا جاء نصر الله والفتح".. بالمختصر المفيد، إن استعمال الدين قديم وهو أفيون كما قال كارل ماركس. طبعا ليس الدين السماوي الحقيقي، ولذلك فإن دخولنا في حلَبة "العقل الفقهي" لن يخرجنا بنتيجة، ولن نفهم الأشياء كما تفهمها الأقوام في المعمور. حرّر عقلك