تجدَّدَ موعدُ مدينةِ الرياح مع أصوات القباقب، وطاقيات كناوة، والشباب القادمين بحقائب الظهر من مختلف نواحي المملكة، والوجوه الأجنبية التي تكتشف "مغربا آخر". وطيلة ساعتين، شهد باب دكالة عزفَ ورقص فرق جلّها يمثّل فنّ كْناوة، فيما تمثّل أخرى فنونا مغربية أخرى مثل موسيقى "عيساوة" و"الروايس". وأحاطت ساكنة مدينة الصويرة وزائروها، مغاربة وأجانب، الموكب الافتتاحي باهتمام كبير، ففضلا عن امتلاء جوانب الشوارع المسيَّجَة بالمتفرجين، عاشَ متفرجون آخرون هذه التجربة الفنية، التي تُخرِجُ الإبداع الفني بغناهُ وتفرّدِهِ إلى الفضاء العام، من شرفات البيوت وأبواب المحلات، أو من فوق الأسوار التاريخية للمدينة القديمة. وتابع كلّ فرد من الجمهور الموكبَ الاحتفالي بطريقته الخاصة، فهناك من تمايل على أنغام أصوات القراقب والمزامير، وهناك من جارى إيقاعها يدوياً، أو اختار فقط متابعة "شطحات كناوة" وألبسة أعضاء فرقها الذهبيّة والزرقاء والسماوية والبيضاء، أو التي تخالط حمرتَها خضرة وسواد. ويثير اهتمام متتبع الموكب تعدّد صفات مرتاديه؛ فمن الشباب المغربي الذي تكشف اختياراته "الهندامية" وقصّات شعره تفضيلَه ألوانا فنية معيَّنة، من بينها، لا ريب، موسيقى كْناوة، إلى النساء اللائي قدمن بجلابيبهن المغربية بتعدُّد ألوانها يرافق بعضَهُنَّ أطفال محمولون بين الأحضان أو على الأكتاف، مرورا بأسر مغربية كاملة "تائهة وسط الحملة"، وأجانب فرادى أو ترافقهم زوجاتهم. وبعد ساعة أو يزيد، تخفت شيئا فشيئا أصوات القباقب والمزامير في مفترق طرق الشارع الذي يتوسّطُهُ "باب دكالة"، لتحطّ رحالَها قرب "دار الصويري" حيث الموكب الرسمي الذي من بين الأسماء الحاضرة فيه، على سبيل المثال لا الحصر، محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، وأندري أزولاي، مستشار الملك محمد السادس، ونائلة التازي، مديرة مهرجان الصويرة وموسيقى العالم. وعلى طول المسار المؤدي إلى المنصة الموسيقية "مولاي الحسن"، التي ستشهد بعد ذلك الافتتاح الموسيقي الرسمي للمهرجان الذي مزج أنغاما كناوية مغربية بأخرى آفرو-كوبية، تجدّد توقّف الوفد الرسمي عند كل فرقة من الفرق الموسيقية الحاضرة، لتعزف أنغامها وترقص رقصاتها وتلي ذلك تصفيقاتٌ أو هزاتُ رأسٍ مشجّعة، ثم تستمر المسيرة، إلى أن تصب في منصة الافتتاح قُبيل غروب شمس يوم الخميس.