تعزز المشهد الثقافي بإصدار العدد الأول من مجلة "الدهاق"، الذي يجد فيه القارئ ملفا خص لدراسة العلاقة بين "الشريعة" و"الحكمة"، كما تم التنصيص عليهما في بحوث الأوائل من رجالات الفلسفة والكلام في الفكر الإسلامي القديم. وقال الحسين حران، مدير ومؤسس مجلة "الدهاق"، إن "المقال الأول عالج بيان كيف عمد المتكلم الفخر الرازي في سبيل إعادة تأسيس قواعد علم الكلام ومقدماته، وتطويره وارتقائه، إلى فلسفة ابن سينا، واستثمار المتن السينوي بمباحثه لحل الكثير من الإشكالات والمضايق في الفلسفة وعلم الكلام الأشعري؛ فيما خُصص المقال الثاني لبحث مسألة "النبوة" في الفكر الإسلامي القديم؛ إذ ركز صاحبه على بيان جهود الجاحظ في الباب، وما يميز منهجه في الرد والاعتراض على منكري النبوة". وأضاف المتحدث ذاته أن "القارئ يمتع نفسه في المقال الثالث بإشكاليتين أساسيتين تناولهما الباحث؛ الأولى خدمة المستشرقين للتراث الكلامي الإسلامي بحثا وتحقيقا وإخراجا ونشرا؛ والثانية تروم دفع شبهة أخذ مفكري الإسلام بعلوم الأوائل دون نقد وتمحيص ومباحثة"، مشيرا إلى أن "هذا الملف لا يخرج عن الجانب المنهجي في ممارسة التفكير النقدي على القضايا والاعتقادات، وهكذا جاء المقال الرابع مجيبا عن سؤالين أساسيين؛ الأول ما منهج ابن حزم في رد عقائد النصارى الأساسية؟ والثاني ما مصادر ابن حزم في نقد عقائد النصارى؟". وأوضح حران أنه "ما دام العقل الإسلامي بنيت ملكته في الاجتهاد على الأسس الفكرية والمنهجية المستوحاة من الوحيين القرآن والسنة، فإن المقال الخامس جاء مستجليا لسؤال منهجي في باب الاجتهاد، غفل عنه الكثير من علماء الأصول والمقاصد، وهو: ما أثر المقاصد في بناء الاجتهاد؟"، مضيفا أن "الملف خُتم بمقالين ينتميان إلى الفكر الفلسفي المعاصر؛ الأول يتناول علاقة التسامح بالتأويل في الأساس الديني من جهة، وبالأسس الأخلاقية والتواصلية من جهة ثانية؛ وذلك باستحضار أخلاقيات النقاش في الفلسفة المعاصرة سواء مع هابرماس وطه عبد الرحمان أو مع غيرهما؛ فيما حاول المقال الثاني تقريب القارئ من حقيقة المثقف ورسالته في النظرية الائتمانية". ويشتمل الشق الثاني من عدد المجلة، يضيف الحسين حران، "على مجموعة مقالات فكرية متنوعة، تناقش قضايا مختلفة؛ من قبيل التساؤل بشأن أصالة فصاحة اللغة العربية في علاقتها باللهجات العربية، إذ عمل الباحث على إعادة قراءة هذه العلاقة في ضوء فقه اللغة قديما وحديثا"، وزاد: "ولم تغفل المجلة الاهتمام بالمصطلح والمفهوم، إذ خصت إحدى المقالات بالدراسة مصطلح "المتواتر" عند كل من الأصوليين والمحدثين، مبرزة مسألة الاقتراض بين العلوم، إن تكاملا أو تداخلا". وقال مدير ومؤسس مجلة "الدهاق" إن "المجلة تتطلع إلى إسداء خدمات للفكر المغربي، لذلك نشرت مقالة تهتم بالخصوصية الثقافية في الفكر المغربي، متناولة إحدى دعائم هذه الخصوصية الثقافية، وهي المذهب المالكي"، مضيفا أن "هناك مسألة لازال البحث بشأنها يتكرر ويتجدد باستمرار، تتعلق بجمع القرآن؛ وعليه فإن القارئ سيجد في ثنايا المجلة دراسة اهتمت بسؤال جمع القرآن على عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق". يُشار إلى أن المجلة ختمت عددها بمقالين أدرجتهما في باب "وجهة نظر"، لكونهما يعالجان قضايا عصرية؛ الأول يجيب عن علاقة المجتمع المدني بتدبير الشأن العام، وآفاق هذه العلاقة؛ والمقال الثاني عبارة عن اجتهاد فقهي قصد فيه صاحبه عرض بعض المسائل في "النظر الفقهي" على "الخبرة العلمية".