يخيم الكثير من التوجس المصحوب بالقلق على مستقبل قطاع النسيج والألبسة الجاهزة بالمغرب في أوساط قلة قليلة من مهنيي القطاع بالمملكة، في ظل التغيرات التكنولوجية والرقمية المتسارعة التي تفرض نفسها على الصعيد العالمي من طرف كبريات دور الأزياء والملابس الجاهزة. هذه التغيرات التكنولوجية والرقمية ستطال سلاسل الابتكار والتصميم والإنتاج، إلى جانب الشروع في اعتماد طرق تسويق حديثة غير تقليدية. وصناعة النسيج في المغرب معنية بشكل مباشر بهذه التحولات، بحسب أولئك المهنيين. كريم التازي، رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، واحد من هؤلاء المهنيين القلة الذين يبحثون عن وضع برنامج تعاقدي بين المهنيين والمسؤولين الحكوميين قصد التأقلم مع هذه التحولات الكبرى التي يعيشها القطاع على الصعيد العالمي. فعدم الإسراع بمواكبة هذه التحولات، يؤكد التازي في تصريح لهسبريس، يعني التهديد المباشر لأزيد من 400 ألف منصب شغل يوفرها قطاع النسيج بالمغرب، من ضمنها 200 ألف في وحدات صناعية تابعة للقطاع المهيكل. ويرى المسؤول ذاته، الذي تقلد منصب رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة قبل ثلاث سنوات، أن "الحل بالنسبة للمغرب يتمثل في ضرورة وضع آليات تتيح له الاشتغال مع كافة الأسواق العالمية، إضافة إلى السوقين الفرنسي والإسباني اللذين نشتغل معهما، خاصة فيما يتعلق بالمناولة". واعتبر كريم التازي أن الوضع بدأ يتغير على الصعيد العالمي، وأن المنافسة تفرض التأقلم مع الحاجيات الجديدة لدور الأزياء ومستوردي الملابس الجاهزة الذين أصبحت لديهم متطلبات جديدة تتجاوز خدمات المناولة لتطال الخدمات التي توفرها المنصات التطويرية، المتمثلة في الابتكار والتصميم وتطوير المنتوج والتدبير التجاري، مرورا بالحصول على المواد الأولية ذات الجودة العالية وبأسعار جد تنافسية. ولبلوغ هذه الأهداف، حسب رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، "يجب تشييد منصات تطويرية لمواجهة المنافسة التركية والصينية، وهي تتواجد بالمغرب لكنها قليلة جدا". وقد قام مسؤولو الجمعية، خلال السنتين الأخيرتين، بتحضير تصور متكامل للرفع من عدد هذه المنصات التطويرية داخل المغرب، عبر اعتماد خطة تقوم على تفعيل برنامج تكويني، ووضع آليات لمواكبة المهنيين من حيث الخبرة، إلى جانب توفير الدعم المالي اللازم عبر خطوط استثمارية يتيحها صندوق الضمان المركزي. وقال التازي: "هدفنا من وراء تبني استراتيجية المنصات التطويرية هو إعادة الانتعاش لقطاع صناعة النسيج والملابس الجاهزة في المغرب، من خلال الاشتغال مع أسواق دولية جديدة، ومنصات رقمية رائدة كأمازون الأمريكية، ومنصة علي بابا الصينية، علما أن هذه المنصات ستستفيد بشكل مباشر من سرعة الإنجاز التي تؤمنها وحدات الإنتاج المغربية، والتي لا تتجاوز خمسة أيام بعد مباشرة عملية الإنتاج". واعتبر المتحدث ذاته أن التسويق عبر المنصات الرقمية "فرصة سانحة لا يمكن تأمين حاجيات زبنائها إلا من خلال تشييد منصات تطويرية متكاملة، وإلا فإن الأوان سيكون قد ولى".