تتحول المساجد في شهر رمضان بمدينة ملال، على غرار مساجد الجهة والوطن، إلى منارات الهدى ومهاوي القلوب المؤمنة، التواقة للغرف من معين النبع الإيماني والإحساني الرباني لهذا الشهر الفضيل. ويحج العديد من المواطنين من مختلف الأعمار لإعمار بيوت الله خلال هذا الشهر الكريم لأداء الصلوات الخمس، ولكن بالخصوص صلوات الجمعة والتراويح والتهجد، التي تلقى إقبالا كبيرا، وتشكل مشهدا روحانيا، تطبعه نفحات الإيمان والدعاء والخشوع والذكر والاستغفار وتزكية النفس واللجوء إلى فيض الله وعفوه وكرمه، تزينه أصوات شجية لأسماء قراء مشاهير يتمتعون بأصوات حسنة لإمامة الناس. فأينما وليت وجهك خلال مواعيد الصلوات في مساجد المنطقة خلال هذا الشهر الكريم، كلما تراءت لك فضائل ومكارم ودلالات رمضان المادية والمعنوية، حيث تتزين القلوب وتبهو وتتعطر الأرواح بمسك الإيمان ونسمات الذكر الحكيم والدعاء الأواه والسماحة الإنسانية. وترجمة لأدوار المساجد ووظائفها الدينية التوجيهية والتعليمية والاجتماعية بشكل خاص خلال شهر الصيام، تتحول هذه المنارات، بالجهة عموما وبالمدينة على وجه الخصوص، إلى فضاءات مشعة تستقطب حشودا كبيرة، تأسرها الأجواء الرمضانية الموزعة بين الصلوات، وتتبع الدروس الدينية التي يشرف على تأطيرها علماء ودعاة، تتمحور حول فضائل ومباهج شهر الجلال والجمال، وتجويد السلوك والترقي في مدارج ومقامات الإيمان والإحسان. ولأن المدينة تعرف دينامية عمرانية وتوسعا حضريا مطردا يتساوق والسياسات العمومية التي ترتكز على التنمية المستدامة والجهوية الموسعة، تستقطب المساجد العصرية بالجهة بشكل متزايد ساكنة المنطقة لأداء الصلوات، لعل أبرزها مسجدا محمد السادس والصفاء. وقد شيد مسجد محمد السادس، وهو الأكبر على مستوى المنطقة، على مساحة إجمالية قدرها 18 ألف و415 مترا مربعا، بغلاف مالي بلغ أزيد من 23 مليون درهم، ممول من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وأنجز هذا المسجد، الذي يتسع لثلاثة آلاف مصل ومصلية، وفق الطراز المعماري المغربي الأصيل، وهو يتوفر على جميع المرافق الضرورية للمصلين والقيمين على الشأن الديني. ويندرج هذا الصرح الديني، الذي أعطيت انطلاقة أشغال إنجازه يوم رابع أبريل 2008 وافتتح في 23 ماي 2014، ضمن سياسة الدولة المتعلقة ببناء المساجد، في إطار برنامج مهم تمت بلورته بناء على حاجيات المواطنين. واعتبارا للدور الجوهري الذي تضطلع به المساجد في إشاعة الأمن الروحي والممارسة المثلى لشعائر الدين الإسلامي الحنيف، تضطلع هذه المساجد، وضمنها مسجد محمد السادس، بأدوار متعددة خلال هذا الشهر الفضيل، تتوزع بين الوظائف الدينية والاجتماعية والصحية والتربوية والتثقيفية والتأطيرية والإشعاعية، من خلال تنظيم برامج توعوية ودروسا دينية ومسابقات وأمسيات قرآنية وابتهالات دينية. ومن بين المساجد الكبرى التي تستقطب المصلين خلال شهر رمضان الكريم هناك أيضا "مسجد الصفاء"، الذي افتتح يوم 19 أبريل 1991 على مساحة إجمالية تناهز ثلاثة آلاف متر مربع، ويبلغ طول صومعته 34 مترا، ويتسع لحوالي 2000 مصلي ومصلية. ويتكون هذا المسجد، الذي تم بناؤه بشكل يراعي المعايير التعميرية والهندسية الخاصة بتجهيز المساجد بمناطق التهيئة الحضرية الجديدة، من قاعة شاسعة للصلاة للرجال وأخرى للنساء، وصحن مقصورة وأروقة ومداخل، وقاعة للوضوء للرجال وثانية للنساء، إضافة إلى فضاءات خضراء. ويغلب على طريقة هندسة هذه المساجد طابع ومظاهر الفن المعماري المغربي من خلال الزخارف التي تجمع بين البعد المغربي والأندلسي الموشى بأشكال هندسية كتابية، إضافة إلى الأقواس المدببة والمزخرفة، والفسيفساء والنقش على الجص، علاوة على القباب التي تحملها أقواس متقاطعة مصنوعة من الجبص المزخرف، أو مصنوعة من الخشب، ويغطي سطحها القرميد من الخارج، والمحاريب المقببة والتوشيات الجمالية والمنمنمات الفنية الآسرة، التي تنصهر في بوتقة هندسية ومعمارية تعكس خصائص الهوية المغربية، ومعالم الذوق والتراث الحضاري أصيله ومعاصره. *و.م.ع