من محاولات إنتاج بعض المشاريع المدرسية بالاستعانة ببرامج المونتاج البسيطة الموجودة في الحاسوب، إلى إخراج فيلم وثائقي يظفر بجائزة مرموقة في مهرجان بالإمارات العربية المتحدة، استطاعت الشابة ياسمينة مصباحي ذات ال25 ربيعا، أن تشق طريقها في مجال إخراج الأفلام الوثائقية، وأن تحول الشغف الذي راودها منذ نعومة أظافرها إلى مسار مهني واعد. بتكوين علمي عال في الدراسات السينمائية، مقرون بطموح لا محدود، ولجت ياسمينة عالم إخراج الأفلام الوثائقية من أبوابه الواسعة، واستطاعت بفيلمها الوثائقي "قلب" أن تظفر ب"الجائزة التكريمية للتسامح" في فئة الأفلام الوثائقية خلال الدورة العاشرة لمهرجان جامعة زايد لأفلام الشرق الأوسط، التي استضافتها دبي شهر أبريل الماضي، وذلك بعد حصول عملها على جائزتين في الدورة الرابعة للمهرجان الدولي لمدارس السينما بتطوان سنة 2018. فعلى الرغم من صغر سنها وتجربتها المتواضعة في الميدان، إلا أن ياسمينة مصباحي تعتبر نموذجا للجيل الجديد من المبدعين المغاربة، الذين يسخرون شغفهم وحبهم للمهنة وتكوينهم الأكاديمي، في سبيل ضخ دماء جديدة في مجال الإخراج السينمائي المغربي بكل أنواعه، والارتقاء بمستواه. وفي تصريح صحافي تحكي ياسمينة مصباحي، الحاصلة على ماستر متخصص في السينما الوثائقية من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، عن بداياتها وولعها بالسينما والأفلام الوثائقية، قائلة إن هذا الشغف الذي تملكها منذ صغرها، ينبع من سحر المواضيع التي تعالجها الأفلام ومن القصص التي ترويها للمشاهد، "فوراء كل فيلم أحلام ورغبات يريد المخرج أن يتقاسمها مع الجمهور". كما تبرز ياسمينة أن وراء هذا الشغف أيضا عائلتها وأصدقاؤها، الذين لا يبخلون بتقديم النصائح لها لمساعدتها على تحقيق النجاح، "فبعد الانتهاء من كل مشروع. هم الجمهور الأول بالنسبة لي وتعتبر نظرتهم النقدية حيوية بالنسبة لي". وعن اختيارها التوجه تحديدا نحو إخراج الأفلام الوثائقية، ترى ياسمينة أن للفيلم الوثائقي أثرا أكبر على المشاهد، على اعتبار أن هذا الأخير ينتظر دائما الرسالة التي يحملها الوثائقي في طياته، بينما لا توجد لديه نفس الانتظارات بالنسبة للفئات الأخرى من الأفلام. وأضافت أن خيار التوجه نحو الأفلام الوثائقية، تعزز خلال مشاركتها في البرنامج العالمي "موزيم كونيكت بروجيكت" سنة 2015، والذي يهدف إلى تمكين النساء من خلال الفن، من الولوج إلى حياة أفضل، حيث أنجزت في إطاره وثائقيا بعنوان "من عمل يديها" تم بثه في الولاياتالمتحدة. وعن فيلمها الوثائقي "قلب''، المتوج في دبي (إلى جانب أعمال ثلاثة مغاربة آخرين)، فقد وصفته بالعمل "الذي يمكن لأي شخص أن يجد نفسه فيه، بما أن رسالته هي إذكاء الوعي، وبعث الأمل". ويحكي هذا الفيلم الوثائقي قصة الدكتور سعيد جنان، وهو أخصائي مغربي في أمراض القلب لدى الأطفال، يخوض معركة يومية من أجل علاج الأطفال المعوزين من الأمراض والتشوهات على مستوى القلب، حيث يفتح عيادته بالرباط أمام كل الفئات السوسيو اقتصادية، ويبذل قصارى جهده للبحث عن التمويلات اللازمة من أجل أن يتمكن الأطفال المرضى من إجراء عمليات جراحية يمكن أن تنقذ حياتهم. وتصف ياسمينة هذا الطبيب بالرجل الشغوف والعاطفي الذي يناضل من أجل قضية إنسانية نبيلة، على الرغم من المصاعب والمآسي الشخصية والمهنية التي عاشها، فالوثائقي يحكي عن ماضيه وحاضره ومستقبله، ويتساءل حول مدى قدرته على مواصلة نضاله وتجاوز محنه. كما أشارت إلى أن تصوير الوثائقي "قلب"، الذي امتد طيلة سنة كاملة، كان صعبا شيئا ما، لاسيما أن العمل مليء بلحظات إنسانية تقاسمت خلالها أحزان وأفراح عائلات المرضى الصغار. وعن فكرة مشاركتها بهذا الوثائقي في مهرجان جامعة زايد لأفلام الشرق الأوسط، أبرزت ياسمينة أنها لم تكن لديها أية دراية مسبقة بوجود هذا المهرجان، عازية الفكرة إلى أستاذها المؤطر ومنسق الماستر المتخصص في السينما الوثائقية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، حميد العيدوني، الذي يشجع طلبته دوما على بذل المزيد ويدفعهم للارتقاء بمسارهم السينمائي والمهني. وبخصوص المشاريع المستقبلية التي تعتزم ياسمينة مصباحي خوضها، تؤكد المخرجة الشابة أن كل تركيزها اليوم ينصب حول التحضير لأطروحة الدكتوراه في مجال الفنون والدراسات السينمائية والسمعية البصرية والاستعراضية، لتعزيز معارفها وبحوثها الأكاديمية في هذا المجال الذي تعشقه، إلى جانب التفكير في إنجاز أفلام وثائقية أخرى. * و.م.ع