يستمرُّ تدفُّق المهاجرين، وغالبيتهم من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إلى شمال المملكة طمعاً في الوصول إلى أوروبا، وذلك رغمَ عمليات الترحيل التي باشرتها السلطات المغربية. فقد كشفتْ "فاجعة بركان"، التي خلّفتْ 18 قتيلاً من المرشحين للهجرة، أنّ مافيات التهريب مازالتْ تنشطُ على مستوى بعض المناطق الحدودية، وهو ما سيجعلُ "صيف هذه السنة ساخناً في محاولات الهجرة السرية نحو أوروبا". وكشفَ الحادث الذي كانَ قدْ وقعَ على طريق ثانوي يربطُ بين مدينتي السعيدية والناظور، غير بعيد عن جيب مليلية المحتلة، وصولَ العشرات من المهاجرين المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى شمال المملكة عبر الحدود الجزائرية، كما أكّد ذلك أحد المرشحين الناجين من حادث انقلاب العربة. وشجبت الجمعية المغربية لحقوق اللإنسان-فرع الناظور تعريض مافيات التهريب حياة المهاجرين للخطر من خلال السير في طرق صعبة خارج المدار الحضري، بعيداً عن أعين السلطات المغربية، وهو ما أدى إلى وقوع الحادث الذي خلّف وفيات وإصابات. وباشرَ المغرب، منذ أشهر، حملة واسعة ضدّ المهاجرين وقام بترحيلهم صوب مناطق داخلية بعيدة عن النقط الساخنة، التي تعرف توافد عدد كبير من المرشحين للهجرة غير النظامية. ويقول عبد الإله الخضري، فاعل حقوقي، إنّ "واقعة بركان تمثّل فاجعة ذهب ضحيتها مرشحون للهجرة السرية، غالبيتهم من جنوب الصحراء، كانوا ضحية شبكة هجرة سرية شمال إفريقية، أبطالها مغاربة وجزائريون، خاصة في ظل الوضع السياسي الدقيق الذي تجتازه الجزائر وبعض البلدان كتونس، والوضع الخطير الذي تعيشه ليبيا". ويرى الحقوقي المغربي أنّ "الوضع المتأزم في بعض دول شمال إفريقيا يدفع المهاجرين، وكذا شبكات الهجرة السرية، إلى تفضيل العبور إلى أوروبا عبر السواحل المغربية الأكثر أمنا في تقدير هذه الشبكات"، مشيراً إلى أنّ "أمن الحدود المغربي يتعرض لتحديات كبيرة تتعلق بتزايد نسبة تسلل المهاجرين السريين الأفارقة نحو المغرب، سواء الذين كانوا مقيمين بالجزائر أو القادمين من صحاري ليبيا أو تونس". ورغم كل هذه الحوادث والفواجع، فإن هؤلاء المهاجرين السريين، سواء من دول جنوب الصحراء أو كل بلدان شمال إفريقيا بدون استثناء، وفق تصريح الخضري، "يحدوهم أمل الوصول إلى الفردوس الأوروبي على نحو لا يجعلهم يكترثون بالمخاطر المحدقة بمغامراتهم هاته". وتأسّف الخضري لوجودِ عراقيل ذات طبيعة سياسية بالدرجة الأولى تحول دون أن يكون هناك تنسيق إيجابي بين الطرف الجزائري والمغربي من أجل ضبط هذه التدفقات، ومواجهة تحدياتها بروح التعاون وتضافر الجهود. وقال إنّ "المنطقة التي شهدت فاجعة مقتل المهاجرين تشهد العشرات من حوادث السير المميتة سنويا، بسبب غياب التشوير والمنعرجات المتعددة، إضافة إلى ضيق الطريق ومحاذاة مجاري الواد الحار الخطيرة لبعض أجزاء تلك المسالك الطرقية المهترئة أصلا".