قال ثلاثة خبراء في صندوق النقد الدولي إن توسيع مجال الصادرات بين المغرب وتونس وليبيا يُمكن أن يخلق وظائف جديدة لحوالي 100 مليون نسمة في بلدان الاتحاد المغاربي. وقال كل من رمزي الأمين وجان فرانسوا دوفان وأليكسي كيرييف، في مقال نشر على موقع صندوق النقد الدولي، إنه بعد مضي ثلاثين عاماً على إنشاء الاتحاد المغاربي لازالت هناك إمكانيات كبيرة لم تستغل بعد في مجال التجارة الإقليمية. وأكد الخبراء أن هذه المسألة تكتسي أهمية أكثر من أي وقت مضى، نظراً إلى حاجة هذه البلدان إلى خلق الوظائف لسكانها الذين يتسمون بارتفاع نسبة الشباب ومعدل النمو السريع، وأشاروا إلى أن التعجيل بالاندماج الإقليمي من شأنه أن يرفع معدل النمو ويخلق وظائف جديدة. وتفيد المعطيات التي قدمها خبراء النقد الدولي بأن التجارة بين البلدان المغاربية تقتصر حالياً على عدد قليل من السلع، إذ تتضمن في الوقت الراهن الوقود والزيوت المعدنية التي تصدرها الجزائر إلى تونس والمغرب، والزيوت النباتية والآلات والحديد والصلب التي تصدرها تونس إلى الجزائر وليبيا، والحديد والصلب والملبوسات والمركبات والمعدات الكهربائية التي يصدرها المغرب إلى الجزائروتونس وموريتانيا. وأوصى مسؤولو صندوق النقد الدولي باستثمار فرص زيادة التجارة لتشمل خدمات النقل والغذاء والمعادن والكيماويات من المغرب إلى تونس، كما أشاروا إلى أنه يمكن تصدير المعادن من المغرب إلى الجزائر، وتصدير أنواع مختلفة من الوقود من الجزائر إلى المغرب؛ كما بإمكان تونس أن تقوم بتصدير الخضروات إلى المغرب والمعادن إلى الجزائر. ويعتبر المحللون في المؤسسة المالية أن هناك منافع كثيرة يمكن تحقيقها من تعميق الاندماج الاقتصادي في المغرب الكبير، على رأسها زيادة الانفتاح أمام التجارة الإقليمية البينية في السلع والخدمات، ثم خلق سوق كبيرة تجعل المنطقة أكثر جاذبية للمستثمرين. كما يمكن أن يساهم الاندماج في بناء سلاسل قيمة إقليمية، تُدخِل هذه البلدان في سلاسل القيمة العالمية، وأن يجعل المنطقة المغاربية أكثر صلابة أمام الصدمات الاقتصادية، وهو ما يعني أن الاندماج سيكون مصدراً لمزيد من النمو بمقدار نقطة مئوية على المدى الطويل. واستنادا إلى التجارب الإقليمية في أوروبا وآسيا، يرى الخبراء أن الاندماج يمكن أن يتحقق بالتدريج من خلال نسج روابط مشتركة في مختلف القطاعات وبين البلدان كلما سمحت الظروف بذلك؛ كما أكدوا أن أوقات الأزمة الاقتصادية أو التحول السياسي يمكن أن تتيح فرصاً لتسريع عملية الاندماج، وأشاروا أيضاً إلى أن التكنولوجيات الجديدة يُمكن أن تكون مُسرعاً قويا للاندماج الاقتصادي لأن التكنولوجيا لا تعرف الحدود. ويعود تأسيس الاتحاد المغاربي إلى سنة 1989، ويضم كلاً من الجزائر وليبيا وموريتانيا والمغرب وتونس، لكن هدفه لم يتحقق إلى حد الساعة بسبب الخلافات السياسية بين البلدان، خصوصاً بين المغرب والجزائر، حيث الحدود البرية مغلقة منذ سنوات، كما أن العلاقات الدبلوماسية لم تكن يوماً على ما يرام. وتعد هذه المنطقة من أكثر المناطق في العالم أقل اندماجاً رغم ما تتوفر عليه من عناصر تكامل بين اقتصادياتها، إذ تتنوع ثرواتها ويغلب الشباب على تركيبتها الديمغرافية، وهما عنصران أساسيان لتحقيق النمو الاقتصادي المأمول.