بمبادرة من ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة، وفريق البحث في القانون العام والحكامة بكلية الحقوق بأكادير، وبشراكة مع المحكمة الإدارية بأكادير، والمجلس الجماعي لإنزكان، والمركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات، نظمت، السبت 20 أبريل الجاري بمقر جماعة إنزكان، ندوة علمية وطنية حول موضوع "منازعات الجماعات الترابية.. الوضع الراهن والإجراءات المواكبة". وعرفت الندوة حضورا متميزا لأساتذة باحثين وقضاة ومحامين ومنتخبين وممارسين في مجال تدبير المنازعات الإدارية، قدموا العديد من المداخلات على امتداد جلستين رئيسيتين استمرتا طيلة اليوم. وبعد الكلمة الترحيبية لرئيس جماعة إنزكان، والكلمات الافتتاحية باسم الهيئات المشاركة في تنظيم هذه الندوة، والتي أجمعت على أهمية الموضوع وراهنيته، نظرا إلى التطور الحاصل في الترسانة القانونية، التي أرست القوانين التنظيمية الحالية، وحددت مجموعة من القواعد والمبادئ تؤطرها تنظيما وتدبيرا، ووسعت اختصاصاتها من أجل قيادة التنمية على المستوى الترابي، تحت رقابة القضاء الإداري، الذي أضحى فاعلا في دعم اللامركزية من منطلق وظيفته في خلق التوازن بين تحقيق المصلحة العامة وحماية مصالح وحقوق الأفراد، ودوره في خلق وترسيخ العديد من المبادئ والقواعد التي تهتدي بها الإدارة في تدبيرها. وفي مداخلة بخصوص "المنازعات المسماة" للجماعات الترابية، تناول محمد لبردي، نائب رئيس المحكمة الإدارية بأكادير، مفهوم "المنازعات المسماة"، التي حدد لها المشرع مسطرة خاصة ولا تقبل طلبات أخرى، والتي حددتها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية في المنازعات المتعلقة بعزل رؤساء وأعضاء الجماعات الترابية، والمنازعات المتعلقة بتوقيف رؤساء وأعضاء الجماعات الترابية، ومنازعات التجريد من عضوية المجالس. وقدم المتدخل بهذا الشأن مجموعة من النوازل، التي عرضت على المحكمة الإدارية بأكادير، وموقف القضاء منها. كما أشار إلى نطاق تدخل الرقابة القضائية، التي تمتد إلى إثبات صفة ومهمة المنتخب وثبوت الأفعال المخالفة للقانون المستوجبة لترتيب الآثار القانونية المنصوص عليها في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية. وتطرقت حليمة بنحفو، الأستاذة بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر بأكادير، في مداخلتها، التي كانت تحت عنوان "دعوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية أمام القضاء الإداري"، إلى الإطار النظري للاعتداء المادي المرتكب من طرف الإدارة أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بحرية من الحريات العامة، ويكون في حد ذاته منعدم الاتصال بتطبيق أي نص قانوني أو تنظيمي أو حتى بإحدى الصلاحيات المخولة للإدارة. كما أشارت إلى أوجه تدخل القضاء في هذا النموذج من منازعات القضاء الشامل على مستويين: القضاء الاستعجالي وما يتيحه للغير من إمكانية طلب وقف الاعتداء المادي على عقاره من طرف الإدارة، ثم من خلال دعوى محو آثار تصميم التهيئة على عقار مخصص لارتفاق عمومي. وكذلك قضاء الموضوع وسلطة القاضي الإداري في معالجة إشكاليات التعويض، ونقل الملكية إلى الإدارة المعتدية، لتخلص في الأخير إلى أن هذه المنازعات الإدارية تخلف تكاليف مالية باهظة تساهم في إثقال كاهل الجماعات الترابية. وتفاعل الحاضرون مع المداخلات التي قدمت خلال الندوة، من خلال نوعية الأسئلة المطروحة، التي همت واقع تدبير منازعات الجماعات الترابية، وأهم القضايا المطروحة أمام القضاء الإداري، والإشكاليات التي تطرحها على مستوى التنفيذ، وآثارها المالية على ميزانيات الجماعات الترابية. ولم تختلف توجهات المشاركين عن دائرة ما تثيره المؤسسات الدستورية وأجهزة الرقابة والحكامة في تدقيقها لمنازعات الجماعات الترابية كمؤسسة الوسيط والمجلس الأعلى للحسابات، والتي ما فتئت تنبه إلى أن منازعات الاعتداء المادي على أملاك الغير من طرف الجماعات الترابية وإشكاليات التنفيذ في مواجهة الجماعات الترابية لا تزال مواضيع تفرض أهميتها وراهنيتها، مما يستلزم مجهودات علمية أكثر من أجل التفكير في حلول فعالة لها.