يبدو أن النزاع الليبي سيُطول أمده، في ظل التطورات العسكرية الأخيرة التي تخوضها الأطراف المتنازعة، بعد المعارك التي نشبت بين القوات الموالية لخليفة حفتر والقوات التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس؛ الأمر الذي تسبب في إجهاض خطة السلام التي أعدتها الأممالمتحدة، ومن ثمة عودة الفوضى من جديد إلى الأراضي الليبية. ودعا أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، في تصريحات صحافية، إلى وقف إطلاق النار في ليبيا، بحيث عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة بدعوة من بريطانيا وألمانيا، لمناقشة مشروع قرار يدعو إلى وقف القتال. وتذهب بعض الآراء إلى كون هذه التطورات تسعى إلى وأد "اتفاق الصخيرات"، بينما يرى البعض أنها لن تؤثر على المغرب. في هذا السياق، قال محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، إن "العملية التي يقوم بها حفتر في ليبيا تأتي بإيعاز من بعض الدول الإقليمية المساندة له، التي ما زالت ترى في كون اتفاق الصخيرات والمسلسل الذي نتج عنها لا يخدم مصالحها بين قوسين". وأضاف بنحمو، في تصريح لجريدة هسبريس، أنها "(الدول الداعمة) تسعى إلى أن تجعل من حفتر قوة ضاربة لها في ليبيا لفرض واقعها؛ ما يعني تداخل للأجندات، لا سيما الذين يهدفون إلى مواجهة الإخوان المسلمين وبعض الدول التي يرون أنها مساندة لهم في ليبيا". ويرى الخبير الأمني أن "ليبيا صارت فضاءً يمكن من خلاله بسط السيطرة على فضاءات أخرى في شمال إفريقيا"، معتبرا أنها "محاولة لنسف المسلسل الأممي الذي يظل وقف روح ونص اتفاق الصخيرات، الأمر الذي جعل حفتر يسعى إلى قلب الموازين في ليبيا بالقوة". وشدد المتحدث على أن "حفتر يسيطر على الشرق الليبي، بحيث حاول أن يجد له بعض التحالفات، التي تبدو في كثير من الأحيان هشة وغير مستقرة في الجنوب الليبي؛ وهو ما دفع ميلشيات مصراتة ومختلف الميلشيات المسلحة والكتائب الموجودة في الغرب الإفريقي إلى التوحد ضده، وإن كانت منقسمة فيما بينها، لكنها سرعان ما تتوحد ضد العدو المشترك بالنسبة إليها". وأوضح أستاذ العلاقات الدولية أن "المغامرة العسكرية لحفتر غير محسوبة، وإن كانت محسوبة فإنها لن تدوم سوى فترة وجيزة على الميدان"، وزاد: "حفتر ليست له القدرة على مواصلة أي عملية عسكرية طويلا، نتيجة أعداد المقاتلين المحدودة، ثم ولائها للمصالح؛ سواء تعلق الأمر بدفع مبالغ القتال أو التوافقات التي تتم مع فرقاء عسكريين أو سياسيين داخل ليبيا". وأبرز بنحمو أن "النقطة الثانية تتعلق بطبيعة الأسلحة التي تتوفر عليها قوات حفتر، بفعل بعدها عن المناطق الآمنة التي يمكن التزود فيها بالأسلحة أو الذخيرة، أي أن استمرار الحرب من شأنها عزل العديد من فيالقه ومحاصر عناصر جيشه"، مؤكدا أن "الطيران الحربي الذي يعتمد عليه عبارة عن طائرات قديمة، أو طائرات ليست في منأى عن الأعطاب". وأردف: "حفتر لا يتوفر على أي سند في الغرب الليبي، بإمكانه مساعدته على بناء تحالفات مع أطراف أخرى"، مشيرا إلى "الموقف الأممي والقوى الكبرى التي تساند الحل السياسي، من خلال العثور على حل داخل اتفاق الصخيرات"، معتبرا أن "تلك المعطيات تجعل من عملية حفتر متهورة". "من الناحية العسكرية هي مغامرة غير محسوبة العواقب، إذ يمكن أن تكون الضربة القاضية له في حالة خسارته"، يورد المصدر نفسه، ويضيف: "دبلوماسيا، هي عملية ستجر على حفتر وداعميه نقمة الأممالمتحدة والقوى الكبرى، إلى جانب الناحية الاقتصادية المكلفة لمجموع ليبيا، بفعل تداعياتها على الاقتصاد الهش أصلا، فضلا عن البعد الإنساني المتمثل في الضحايا والجرحى". وتابع: "تم تأجيل لقاء غدامس إلى أجر غير مسمى من طرف الأممالمتحدة، والذي كان يفترض أن ينعقد يومي 14 و16 أبريل الحالي؛ ما يؤكد أن الأممالمتحدة لا تريد أن تمنح لحفتر أي فرصة ليقوم بعملية ليّ يدها"، منبها إلى كونه "حاول الزحف على طرابلس، في ظل وجود الأمين العام للأمم المتحدة بها".