في سياق الأجواء المشحونة التي يشهدها قطاع التعليم بالمغرب ومعركة الشد والجذب بين "الأساتذة المتعاقدين" وبين الحكومة، نظّم الائتلاف الوطني للدفاع عن التعليم، الذي يضم أزيد من 30 إطارا سياسيا ونقابيا وحقوقيا، اليوم الأحد بالعاصمة الرباط، مسيرة وطنية حاشدة ضد "المخططات الحكومية التي تستهدف مجانية التعليم" وتضامنا مع أساتذة الأكاديميات الذين يطالبون بالإدماج الفوري في الوظيفة العمومية. وانطلقت المسيرة، التي عرفت مشاركة قوية للأساتذة المتعاقدين على الرغم من قضائهم ليلة بيضاء دامية بشوارع العاصمة، من أمام مقر وزارة التربية الوطنية في اتجاه مقر البرلمان، بحضور قيادات أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي وحزب النهج الديمقراطي ونقابات تعليمية وجمعيات حقوقية ومدنية وفصائل طلابية يسارية في إطار "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب". ورفع المشاركون في الاحتجاج الوطني شعارات تنتقد "هجوم الدولة على المدرسة والجامعة العموميتين"، وأكدوا أن توظيف الأساتذة ضمن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين يروم "الإجهاز على كافة الخدمات العمومية وتخلي الحكومة عن أدوارها الاجتماعية". واعتبر المحتجون أن القانون الإطار للتعليم رقم 51.17 يدخل ضمن "مخططات الحكومة للإجهاز النهائي على ما تبقى من مجانية التعليم وشرعنة تسليعه وتفويته للقطاع الخاص"، داعين الحكومة إلى ضمان تعليم عمومي مجاني وجيد إلى كافة بنات وأبناء الشعب المغربي. وقال علي بوطوالة، الكاتب الوطني لحزب الطليعة، في تصريح لهسبريس، إن مشاركة تنظيمه اليساري في هذا الاحتجاج تأتي للرد على "السياسات التعليمية التي تدخل البلاد إلى النفق المسدود، سواء تعلق الأمر بالقانون الإطار للتعليم أو مسألة التوظيف بالعقدة". من جهته، اعتبر مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، أن فض اعتصام الأساتذة المتعاقدين بالقوة يدل على أن "مربع الحكم في المغرب يتحكم فيه الأمنيون وليس الحكومة"، مضيفا أن "سياسة مواجهة نضالات الأساتذة ومختلف الفئات بالقمع و"الزرواطة" سيؤدي إلى المزيد من الاحتقان الاجتماعي". وأضاف البراهمة، في تصريح لهسبريس، أن مطالب الأساتذة المتعاقدين "مشروعة وتهم 70 ألف أستاذ فرض عليه التعاقد"، مشيرا إلى أن الإصلاحات التي أدخلتها الحكومة على نظام التعاقد من خلال التوظيف الجهوي هي "مجرد محاولة لاحتواء مطالب هؤلاء لأنهم لا يخضعون لقانون الوظيفة العمومية". بدوره، قال عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، إن مسيرة 24 مارس تُنادي بحق المغاربة في تعليم جيد وعمومي ومجاني، لافتا إلى أن "جل الإصلاحات التي عرفها قطاع التعليم منذ ستينيات القرن الماضي فشلت فشلا ذريعا وأوصلتنا إلى الوضع الكارثي الذي نعيشه اليوم". العزيز دعا حكومة العثماني إلى "التوقف عن الإجرام في حق المغاربة" وإطلاق حوار وطني حقيقي يشارك فيه الجميع من أجل الوصول إلى تصور موحد حول قضية التعليم المغربي، وزاد أنه "لا يعقل أن يكون في قطاع التعليم أساتذة موظفون مع الأكاديميات ونوع آخر ينتمي إلى نظام الوظيفة العمومية". المتظاهرون دعوا الحكومة إلى سحب مشروع القانون الإطار للتعليم من البرلمان بسبب الخلاف حول مضامينه بين مختلف المكونات، وقال عبد الغني الراقي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن "خطورة هذا المشروع أنه يستهدف مجانية التعليم من خلاف فرض رسوم على المغاربة مقابل متابعة التعليم في الجامعات كمرحلة أولى ثم في التعليم الثانوي التأهيلي كمرحلة ثانية". وتابع الراقي، في حديث لهسبريس، أن الأسر الميسورة التي تدعي الحكومة أنها هي المستهدفة بهذه الرسوم "لا وجودة لها أصلا بالتعليم العمومي؛ لأن أبناء هذه الفئة يتابعون تعليمهم بالمدارس الخصوصية والبعثات وخارج المغرب". وأردف المتحدث إلى أن ما يُسمى ب"تنويع الوضعيات النظامية داخل قطاع التربية الوطنية يهدف إلى ترسيم التوظيف بالتعاقد، وسيصبح بقوة القانون بعد المصادقة عليه بالبرلمان وصدوره بالجريدة الرسمية".