تعددت المداخلات والقراءات، لكن أصحابها، وهم من مشارب مختلفة، أجمعوا على أن الرجل استطاع من خلال مذكراته أن يبصم طابع المصداقية، الذي يتميز به على سيرته الذاتية، أو بالأحرى "شهادته" عن فترة من تاريخ المغرب. الإعلامي والشاعر، ياسين عدنان، قال في كلمة له خلال حفل تقديم الجزء الأول من مذكرات المناضل اليساري محمد بنسعيد آيت إيدر، المعنونة ب"هكذا تكلم محمد بنسعيد.."، إن الكتاب "رصد لتحولات بلد وشهادة على العصر"، مضيفا: "مصداقية الشهادة من مصداقية صاحبها، وآيت إيدر نموذج للتصالح التام مع الذات". وأشار ياسين عدنان، في اللقاء الذي نظم بمسرح محمد السادس في الدارالبيضاء، إلى أن "جزءا من مذكرات بنسعيد كانت تُفصح عن تواضع الرجل الذي يُفحم القارئ، فالرجل لا ينسب الفضل إلى نفسه، كما يفعل بعض من يستغلون الشهادات لتلميع الصورة وتصفية الحساب"، مضيفا أن هذا الكتاب "يتعلق بشهادة تاريخية مقترحة على قارئها بضمير المتكلم"، و"سيرة ذات مساهمة في صناعة تحولات التاريخ، وهي رصد لتحولات بلد وشهادة على العصر". واعتبر مقدم برنامج "ببيت ياسين"، على قناة "الغد"، أنه "حين يمر الفعل التاريخي والعطاء التاريخي إلى كتاب، فهو يضمن لنا نوعا من الحفظ النبيل لذاكرة المستقبل الذي يشغلنا جميعا". من جهتها، قالت الناشطة الحقوقية لطيفة البوحسيني إن "آيت إيدر رجل لا يختلف اثنان حول صدقه، ومن هنا تعد شهادته ذات قيمة عالية". وعرجت البوحسيني، في شهادتها، على مسار المقاوم ومؤسس حزب الاشتراكي الموحد، من قلب سوس إلى الدارالبيضاء والجزائر، وصولا إلى باريس، مضيفة "كان لهذا الرجل أن يعيش على إيقاع الرحلة، وفِي مختلف محطات التاريخ ظل وفيا لواحدة من القيم، هي قيمة الصدق". وأوضحت الناشطة الحقوقية أن هذا الكتاب "شهادة خاصة لرجل عايش الكثير من الأحداث، فيما بعض الشهادات تتميز بالصمت في بعض القضايا، وتغلّط القارئ حول أدوار شخوصها، مما يفرض الحذر في التعامل معها". أما القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، الصحافي عبد الحميد الجماهري، فتحدث خلال مداخلته عن "آيت إيدر الإعلامي"، مشيرا إلى أنه من خلال مساره يتضح بكونه كانت له علاقة قوية بالإعلام. وأوضح الجماهري، في هذا الصدد، أن الصحافة ستكون حاضنة لمسيرة تحول بنسعيد، الذي عرج على مجلة "أنفاس" وجريدة "أنوال"، مضيفا: "أَي مجد للصحافة يمكن أن تدعيه، فنحن مدينون للمهنة بأنها أغرت بنسعيد بدخولها". وتابع القيادي في "حزب الوردة" كلامه في حق آيت إيدر قائلا: "لم يكن الإعلام شيئا طارئا عليه، فيا زملائي في مهنة المتاعب، ذهبت المتاعب مع بنسعيد وبقيت لنا المهنة".