ساعات قليلة بعد مصادقة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على التعديلات المقترح إدخالها على النظام الأساسي لأطر هذه الأكاديميات والمصادقة عليها، تفعيلا للالتزامات الحكومية، سارع التنسيق النقابي الخماسي إلى إعلان رفْض تعديل نظام التعاقد، وطالب بإلغائه نهائيا، وإدماج الأساتذة الذين وظفوا في إطاره في الوظيفة العمومية. النقابات التعليمية الخمس أصدرت بلاغا مشتركا، حمّلت فيه مسؤولية الاحتقان الذي يعرفه قطاع التعليم إلى الحكومة، مشيرة إلى أنّ الإضراب العام الوطني الوحدوي يومي 13 و 14 مارس الجاري "عرف نجاحا باهرا بنسبة تفوق 90 في المئة". وفي الوقت الذي حاولت السلطات المحلية، على الصعيد الجهوي، التخفيف من حدّة الأزمة التي يعرفها قطاع التعليم، جراء استمرار إضراب الأساتذة المتعاقدين للأسبوع الثاني على التوالي، أكد التنسيق النقابي الخماسي أنه يرفض دعوات عمال الأقاليم وولاة الجهات لجلسات "حول شأن وطني يتجاوز اختصاصات العمال والولاة". ورمت النقابات التعليمية الخمس الكرة في ملعب الحكومة، معتبرة أن الحل للخروج من الأزمة الحالية يوجد بين يديها، عبر أربع مراحل، تبدأ، كما ترى النقابات، ب"تنفيذ الالتزامات السابقة في 19 و26 أبريل 2011، والإلغاء الحقيقي للتعاقد عبر إدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، والاستجابة للملفات المطلبية لمختلف فئات الشغيلة التعليمية، والإسراع بإخراج نظام أساسي عادل ومنصف ومحفز وموحد لجميع العاملين بالقطاع". وجوابا عن سؤال حول سبب رفض التنسيق النقابي الخماسي توجّه الحكومة نحو تعديل النظام الأساسي للأساتذة المتعاقدين، قال عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، في تصريح لهسبريس، إنّ النقابات وتنسيقية الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد تتمسكان بمطلب الإلغاء الحقيقي لنظام التعاقد، وإدماجهم في الوظيفة العمومية كموظفين لدى وزارة التربية الوطنية وليس لدى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وكانت وزارة التربية الوطنية قد اجتمعت، بأمر من رئيس الحكومة، مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية يوم 9 مارس، وقدمت الوزارة خلال هذا الاجتماع أربعة عشر تعديلا على نظام التعاقد، لكن هذه التعديلات لم تحظ بترحيب من طرف النقابات، "لأن الهدف منها هو تلطيف نظام العقدة فقط، أما جوهره فلم يمسه أي تغيير"، على حد تعبير الإدريسي. ويطالب التنسيق النقابي بالإلغاء النهائي لنظام التعاقد، "كونه لا يضمن للأساتذة المتعاقدين الحقوق نفسها التي يتمتع بها الأساتذة المدمجون في الوظيفة العمومية، علاوة على كونه يُتيح لمدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الحق في الاستغناء عن الأساتذة في أي وقت، وبالقانون"، يقول الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم. وأضاف أنّ النقابات التعليمية الخمس ليست ضدّ التوظيف الجهوي، بناء على حاجيات الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين للأساتذة، شريطة أن يتمّ إدماجهم في النظام الأساسي لأساتذة وزارة التربية الوطنية، وليس في النظام الأساسي لأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. ويعيش قطاع التعليم توتّرا متزايدا بعد إضراب الأساتذة المتعاقدين لأسبوعين، في الوقت الذي تسود مخاوف وسط آباء وأمهات التلاميذ من حدوث سنة بيضاء، خصوصا أنه لا يظهر أنّ الأزمة تسير نحو طريقها إلى الحل، إذ قال الإدريسي إنّ الوضع "مفتوح على جميع الاحتمالات". وحمّل الفاعل النقابي مسؤولية الأزمة المخيمة على قطاع التعليم العمومي للحكومة والدولة، "لأنهما لا تدبّران التعليم العمومي بغيرة، وآخر شيء تفكران فيه هو المدرسة العمومية". وأضاف قائلا: "يوم 14 مارس 2017 دعا أرباب مدارس التعليم الخصوصي إلى إضراب، وقبل موعده بيوم جلست معهم الوزارة إلى طاولة الحوار، واستجابت لمطالبهم، كما جلست معهم إلى طاولة الحوار مديرية الضرائب، وتمت تسوية ملفهم المطلبي. أما نحن فنخوض إضرابات مسترسلة، ولا يتم التعامل معنا بالجدّية اللازمة، لأن الدولة والحكومة لا يهمهما التعليم العمومي".