تزخر منطقة النقوب، الواقعة في النفوذ الترابي لإقليم زاكورة، بمواقع جيولوجية متعددة، معظمها معروفة لدى الباحثين المتخصصين فقط، ويعود تاريخها إلى ملايين السنين، لكنها لم تنل الاهتمام الكافي من قبل وزارة الثقافة والسياحة، لاستغلالها من أجل تحريك عجلة الاقتصاد المحلي. المواقع الجيولوجية بهذه المنطقة الواقعة بجنوب شرق المغرب تعتبر حلقة وصل بين الاستثمار السياحي والمجال الجيولوجي لتحقيق التنمية المستدامة، رغم الإهمال التي تواجهه هذه السياحة من قبل الجهات المسؤولة، وهو ما يستوجب العمل على إبراز أهمية البعد الجيولوجي كفرصة متاحة على مستوى قطاع السياحة بالمنطقة، قصد خلق تنوع في المنتوج المقدم لزوار المنطقة والباحثين، حسب إفادات عدد من الباحثين المتخصصين في الجيولوجيا. ويعد هذا النوع من السياحة التي تقود علماء الجيولوجيا والباحثين في المجال إلى منطقة النقوب وضواحيها، خصوصا المناطق الواقعة بنفوذ جماعة اكنيون بإقليم تنغير، جزء لا يتجزأ من السياحة المستدامة، التي تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ لكن ذلك بفضل مجهودات الساكنة المحلية وبعض المرشدين السياحيين، في غياب تام للجهات الرسمية، حسب لحسن رابح، الباحث في الجيولوجيا. إيد باب نعلي تحظى قيادة النقوب بإقليم زاكورة بوجود مواقع جيولوجية متنوعة في مختلف مناطقها، تساهم في تشجيع حركة السياح؛ وقد وقعت بها العديد من الأحداث الجيولوجية عبر ملايين السنين، كانت سببا في تكون مناطق رائعة تستهوي الزوار وعشاق الاكتشاف، حسب غريبة أحمادي، الباحثة الجيولوجية. وتضيف متحدثة هسبريس أن السياحة الجيولوجية تعتبر أهم روافد السياحة إلى حد الآن بمنطقة النقوب خاصة والجنوب الشرقي عموما، نظرا لما تتمتع به من طبيعة جيولوجية مميزة وموقعها الجغرافي، مشيرة إلى أن "الجبال والعيون والكهوف والتشكيلات الصخرية رسمت صورة جيولوجية بمجموعة من المواقع الواقعة بالمنطقة ذاتها، تعتبر فريدة من نوعها على مستوى العالم". ويعتبر موقع إيد باب نعلي من المواقع الجيولوجية التي تتم زيارتها من قبل العشرات من السياح من مختلف الجنسيات العالمية، لكونه عبارة عن مرتفعين صخريين بينها فج، ويتواجد بمنطقة أوسديدن الواقعة بالنفوذ الترابي لقيادة النقوب. الموقع ذاته يصنف لدى السياح المتوافدين على المنطقة ضمن الوجهات السياحية الأولى بالجنوب الشرقي، بالإضافة إلى مواقع سياحية "جيولوجية" أخرى منتشرة بتراب النقوب من ناحية إقليم تنغير. كما أن الموقع ساهم في السنوات الأخيرة في جذب عدد من الخبراء العلميين والباحثين في الجيولوجيا من أجل إجراء دراسات علمية حول التشكيلات الجيولوجية المتواجدة بالمنطقة، وفق إفادة علي أيت موح، أحد السكان المجاورين للموقع. ويقول أيت موح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن عدة مواقع جيولوجية إلى جانب موقع إيد باب نعلي أهملت من قبل وزارة الثقافة ووزارة السياحة، إذ لم تصنف ضمن خرائطهما ومخططاتهما، على حد قوله. وشدد المتحدث ذاته على أن هذه المواقع يمكن أن تلعب دورا أساسيا في التعريف بالمؤهلات التي تزخر بها المنطقة لو تم استغلالها والتعريف بها، موضحا أن القطاعات المعنية بالثقافة والسياحة لم تعر أي اهتمام لهذه المواقع التي يمكن أن تصنف من قبل "اليونيسكو" ضمن المواقع الأثرية والتاريخية والجيولوجية، ويمكنها أيضا أن تساهم في التنمية المحلية والاقتصاد المحلي، وفق تعبيره. السياحة الجيولوجية ليس موقع إيد باب نعلي وحده الذي يمكن الاعتماد عليه في الترويج لهذا النوع من السياحة بمنطقة النقوب والجنوب الشرقي عموما، بل هناك عدة مواقع جيولوجية بجميع مناطق أقاليم جهة درعة تافيلالت، خصوصا ورزازات وزاكورة وتنغير، يمكن أن تساهم في الرفع من نسبة السياحة بالجنوب الشرقي. وتتميز الطبيعة بالنقوب ونواحيها بتنوع جيولوجي يجعل منها قبلة سياحية ملهمة، لما تتمتع به من تباين واختلاف في التضاريس والمناخات، وعوامل الطبيعة التي نحتت منها لوحات بيئية في غاية الإبداع والثراء، ما جعل معالمها متنفسا رائعا لعشاق الطبيعة البكر ومراقبي التحولات الجيولوجية في العالم. وفي هذا الإطار يقول لحسن رابح، وهو باحث جيولوجي، إن ما تزخر به هذه المناطق من مؤهلات طبيعية، خصوصا تلك المتعلقة بالتشكيلات الجيولوجية، يجب أن تنال الاهتمام الكافي من قبل الجهات المختصة، مشيرا إلى أن هذه المواقع الجيولوجية ذات البعد التاريخي يمكن أن تلعب دورها مهما في التنمية المحلية عبر استغلالها في السياحة، ومبرزا أن الجماعة الترابية بالنقوب لها نصيبها من الإهمال الذي يواجهه هذا الموقع منذ عقود من الزمن. وأشار رابح إلى أن هذه المواقع تنقصها خرائط توضيحية ولوحات إرشادية مثبتة بعدة لغات، مبرزا أن الكثير من المهتمين والباحثين وطلبة الجامعات يزورونها للتعرف على المواقع الجيولوجية التي تشكلت منذ ملايين السنين، وداعيا المتدخلين في هذا المجال إلى التفكير في تطوير هذه المواقع والعمل على إبراز أهميتها. وتقول سميرة بن عدي، وهي طالبة باحثة متخصصة في الجيولوجيا، إن النقوب ونواحيها من الحقول الجيولوجية بالمغرب، نظرا لما تتمتع به من تكوينات جيولوجية تشكلت عبر حقب مختلفة من الزمن، مضيفة أن المنقطة تزخر بخصائص جيولوجية مميزة ونظيفة، وطبيعة بيئية أصيلة، تجعل منها قبلة فريدة للراغبين في استكشاف الطبيعة الجيولوجية بالمغرب، وفق تعبيرها. غياب الجهات المختصة في وقت حاولت هسبريس استقاء تعليق مسؤولي وزارتي السياحة والثقافة بورزازات، حول الاتهامات الموجهة إليهم من قبل الساكنة والباحثين بإهمال المواقع المذكورة، دون جدوى، قال حسن مرغادي: "إن الجهات الرسمية التي كنا ننتظر منها الالتفات إلى السياحة والمواقع الأثرية بالنقوب لا تحرك ساكنا". وأشار مرغادي إلى أن "الإهمال التي تواجهه هذه المواقع السياحية سببه غياب الإرادة لدى الجهات المختصة من أجل إعداد مخطط لتنميتها والتعريف بمؤهلاتها"، لافتا إلى أن "مصالح العمالة بدورها، ورغم التقارير التي تتوصل بها من لدن السلطة المحلية، لا تقوم باللازم، كاستدعاء جميع المتدخلين لدراسة الوضع"، وفق تعبيره. وطالب متحدث هسبريس عامل إقليم زاكورة بعقد لقاء عاجل في هذا الإطار، قائلا: "نطلب من العامل عقد لقاء في القريب العاجل من أجل دراسة وضعية هذه المواقع السياحية المنتشرة بالنقوب وكيفية تأهيلها"، مشيرا إلى أن السياحة لها مستقبل واعد بهذه المنطقة المشكلة من مواقع جيولوجية مهمة، بتعبيره. من جهته، قال مسؤول داخل عمالة زاكورة، رفض كشف هويته للعموم، إن السلطة الإقليمية لم تقم بدورها في هذا الإطار، مضيفا أن "العامل مدعو إلى عقد لقاءات مع المنعشين السياحيين والجمعيات المهتمة من أجل وضع خطة أو برنامج جدي لتنمية وتأهيل هذه المواقع، خصوصا موقع إيد باب نعلي"، وفق تعبيره.