تتميز مناطق إقليم تنغير بطبيعتها الجذابة، ومآثرها التاريخية والثقافية، التي تعود إلى ما قبل التاريخ؛ لكن كل ذلك لا يزال مهملا، إذ تبقى كل هذه المقومات السياحية بعيدة كل البعد عن الاستغلال الأمثل من قبل الوزارة الوصية. المنعشون السياحيون أكدوا أن القطاع السياحي بالإقليم يتمتع بإمكانات مهمة، بفضل جباله ووديانه وكنوزه الإنسانية والثقافية والتاريخية، مؤكدين في السياق ذاته أن العائق لنمو السياحة بالإقليم يبقى نقص المنشآت ذات النوعية وتهميش الإقليم من قبل الوزارة الوصية. العديد من السياح ممن التقت بهم هسبريس، خلال إعدادها لهذا الربورتاج، وصفوا مناطق إقليم تنغير بكونها جنة ومكانا للراحة، مؤكدين أنهم يجدون بها راحتهم بفضل طبيعتها الخلابة وآمنها، وأنه إقليم سياحي بامتياز لولا الإهمال الذي طاله من قبل المسؤولين عن القطاع من المندوبية والوزارة وباقي المتدخلين، على الرغم من كل ما تشكله عدد من المناطق من لوحة طبيعية خالدة، وفق إفاداتهم. وزارة السياحة خارج التغطية على الرغم من المؤهلات السياحية الكثيرة التي يتوفر عليها إقليم تنغير، والتي يمكن أن تكون بديلا اقتصاديا وخلق فرص شغل قارة للألف من المواطنين، فإن الوزارة الوصية لا تقوم بدورها لتشجيع القطاع بالإقليم وباقي الأقاليم المجاورة، مقابل القيام بدور كبير لتشجيع القطاع في المدن المغربية الأخرى، وفق تعبيره حميد أسوفغ، منعش سياحي بأيت سدرات الجبل السفلى. وأضاف المتحدث ذاته، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، "أن وزارة السياحة لم تقدم أي إمكانات أو مساهمات بغرض الترويج للسياحة بالإقليم، كما تفعل مع باقي المدن المغربية الأخرى"، موضحا "لا يمكن الترويج للساحة من دون تقديم أشياء ملموسة تقدمها الوزارة الوصية والقطاعات التابعة لها"، وفق تعبيره. من جهته، أرجع محسن الحسني، صاحب وحدة فندقية بواد دادس، تدهور القطاع السياحي بالإقليم خلال السنوات الأخيرة إلى ما سماه "عدم اهتمام المسؤولين السياحيين بهذا القطاع في إقليم تنغير، وخير دليل على ذلك عدم إحداث المندوبية الإقليمية للسياحة بالإقليم، على الرغم من مرور عقد من الزمن على إحداثه"، مشيرا إلى أن "كل الخطابات التي تتبجح فيها الوزارة الوصية حول نمو القطاع لا ينطبق بتاتا على هذا الإقليم"، وفق تعبيره. في المقابل، أوضح آيت أوشن، منعش سياحي بمدينة تنغير، أن وزارة السياحة لا تقدم أي إغراءات أو مساهمات من شأنها الترويج لسياحة الإقليم، مؤكدا أن السياح الذين يزورون الإقليم يأتون بفضل العلاقات التي تدمعهم بالمنعشين السياحيين ومبادرات خاصة، مشددا على أنه "لا يمكن أن نكذب على أنفسها ونقول إن الوزارة لها دور على المستوى الإقليمي بتنغير فهي ينطبق عليها المثل لا تنفع ولا تضر"، وفق تعبيره. ضعف التسويق كشف عدد من المهتمين بالقطاع السياحي بإقليم تنغير أن العديد من المنتوجات السياحية المحلية قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية، داعين إلى ضرورة ترقية نوعية هذه المنتوجات وتذليل العقبات البيروقراطية، مشيرين إلى أنه في الوقت الطي لا وجود لدور السياحة في الترويج للمنتوجات المحلية "فإن الجالية في الدول الأوروبية قد تشكل ورقة رابحة من أجل تمكين المواقع السياحية بالإقليم من وضع قدم في أوروبا". وترى فاطمة شجيري، فاعلة جمعوي نشيطة بمدينة تنغير وأمان نوقيدار، أن القطاع السياحي يعتبر من القطاعات المهمة في التنمية لارتباطها بالقطاعات الأخرى وتساهم في مناصب شغل مهمة، مضيفة "بحكم أنني ابنة هذا الإقليم لي غيرة عليه وأرفع معاناته لكل مسؤول ومنتخب وشاب، لحلحلة مرضه خاصة في قطاع السياحة"، مشيرة "تعبنا من منتديات ولقاءات بروتوكولية واليوم نحن بحاجة إلى حلول واقعية ملموسة"، وفق تعبيرها. واقترحت المتحدثة ذاتها، ضمن تصريحها لهسبريس، على المسؤولين المحليين ومسؤولي وزارة السياحة العمل على تسويق والتعريف بالإقليم ومميزاته السياحية، وتشجيع المقاولة السياحية، والرقي بالخدمات الفندقية والمطاعم، وإنشاء وبناء مرافق صحية بالمناطق السياحية، وتطوير وتسويق المنتوجات التقليدية المحلية، وإعادة النظر في فوضى والنقص الحاصل في النقل الحضري. وأضافت الجمعوية ذاتها: "أتمنى من أبناء المنطقة الانخراط في العمل وبناء المقاولة والمبادرات الإبداعية لخلق منافسة والنهوض بالإقليم فكلنا نتحمل المسؤولية من مواطن عادي إلى أكبر مسؤول"، منبهة إلى ضرورة احترام السياح وعدم فرض منتجتنا عليهم، وحل مشكل الأراضي السلالية وتشجيع الاستثمار. معيقات التنمية السياحية من جهته، كشف لحسن فاتحي، مكلف بالإدارة بالمجلس الإقليمي للسياحة لتنغير، من بين معيقات التنمية السياحية بإقليم تنغير غياب مندوبية إقليمية للسياحة بتنغير باعتبارها الوصي الأول على القطاع من أجل وضع رؤية واضحة بخصوص التنسيق والتعاون مع المجالس الإقليمية ومختلف المتدخلين لتنظيم وتأهيل القطاع السياحي، وضعف تواجد البنيات التحتية المكملة كالمتاحف والمعرض ومجمعات الصناعة التقليدية من أجل تمديد أمد الجولات والمدارات السياحية والمساهمة في خلق انتعاشة وحركية اقتصادية. المكلف بالشؤون الإدارية للمجلس الإقليمي للسياحة بتنغير أضاف، في تصريحه لهسبريس، أن من بين المعيقات أيضا ضعف الإمكانات المرصودة لتسويق المجال، مشددا على ضرورة مراجعة الضرائب على المستوى الوطني وتحقيق امتياز إيجابي لصالح هذه المناطق التي لا تحقق مداخيل كالمدن السياحية الكبرى، مشيرا إلى أن إقليم تنغير يدفع نفس الضرائب الذي تدفعها ساكنة المدن الكبرى مما ساهم في تراجع نمو القطاع السياحي، وفق تعبيره. متحدث هسبريس أكد أن غياب وضعف شبكة الاتصال والأنترنيت في جل المناطق خاصة الجبلية والقروية يعد من بين الأسباب التي أدت إلى تراجع السياحة بإقليم تنغير بالإضافة إلى لامبالاة الوزارة الوصية، على الرغم من أن المؤسسات الفندقية توفر كل شروط الراحة، فضلا عن "اقتصار عمل المكتب الوطني للسياحة على الاشتغال على تسويق المدن السياحية التقليدية دون غيرها من المناطق علما أن مناطق الجنوب الشرقي من ورزازات وزاكورة وتنغير والرشيدية وميدلت تمزج بين الثقافة والطبيعة التي يتم تسويقها في مراكش وفاس وغيرها من المدن"، يضيف المتحدث. غياب إستراتيجيات في الوقت التي ظل هاتف مندوبية السياحة بورزازات يرن دون مجيب، أكدت حفيظة آيت علي، طالبة باحثة مهتمة بالقطاع السياحي، أن مناطق إقليم تنغير تزخر بمؤهلات طبيعية وثقافية وحضارية وتاريخية وغيرها من المقومات السياحية المتعددة والمتنوعة، لكن هذا لا يكفي لأن نقول أنها أصبحت مركزا للجذب السياحي، إن لم تكن هناك إستراتيجيات تسويقية مبنية على أسس علمية ومنظمة. وأضافت المتحدثة، في تصريح لهسبريس، أن من أهم هذه الإستراتيجيات التي لها دور مهم وفعال في تطوير وترقية القطاع السياحي نذكر الترويج السياحي، ما هو أكثر أهمية لمؤسسة تعمل في القطاع السياحي من القيام بتعريف منتجها السياحي والخدمات المرتبطة به للسياح، وهذا من خلال الترويج السياحي الذي أصبح استثمارا وليس مجرد أداة من أدوات التسويق، حيث إن النشاط الترويجي في صناعة السياحة له أهمية كبيرة، نظرا للاستثمارات التي يمثلها هذا النشاط، وفق تعبيرها. وأبرزت المتحدثة أن هذه الاستثمارات أصبحت ضرورية وفقا للنطاق الجغرافي للأسواق، وفقا للمنافسة الدولية، مذكرة بأن الترويج السياحي يعتبر مهمة حساسة في مجتمع لم يصل إلى بنية تحتية فعالة ومحكمة، على الرغم من كل ذلك يتطلب على الدولة والمسؤولين على القطاع السياحي السعي قدما إلى التعريف بالوجهات السياحية بإقليم تنغير على المستوى المحلي والدولي واستقطاب أكبر عدد ممكن من السياح، موضحة أن هذه المهمة هي مسؤولية وزارة السياحة والمصالح التابعة لها بالدرجة الأولى، وفق تعبيرها.