تجسد الزربية المرابطية، التي تتميز بتناسق أشكالها الهندسية وألوانها الجذابة، تشبث المرأة الأمازيغية بالتقاليد المغربية والعادات الشعبية، المتمثلة في صناعة هذا المنتوج الأصيل الذي يؤرخ لتاريخ وطقوس وهوية قبائل زيان. وتشكل المرأة الأمازيغية بمريرت عماد الزربية المرابطية، إذ تحولت مع مرور الزمن إلى مبدعة بالفطرة في هذه الحرفة، لا سيما أنها تقوم برسم العديد من الأشكال الفنية والإبداعات الساحرة؛ ما يجعل زرابيها لوحات تشكيلية رائعة، تحتفظ بصورة عن التراث الأمازيغي المغربي الأصيل، وتمثل جزءا من هوية قبائل المنطقة ونشاط سكانها، الذين يستمدون خيوطها وألوانها ومفردات أناقتها من التراث القديم. وتسهم الزربية المرابطية، إلى جانب منتوجات تقليدية محلية أخرى (الحنبل والجلابة)، في تحريك العجلة الاقتصادية لفائدة سكان الأطلس المتوسط من خلال الإقبال المتزايد على اقتنائها في المناسبات والأفراح وترويجها في معارض وطنية ودولية. وتنقسم الزربية، التي تنسج بالصوف الخالص وبطريقة تقليدية ذات لمسة محلية، إلى نوعين: زراب كبيرة الحجم بعرض يتراوح ما بين 150 و200 سنتمتر وطول يصل إلى 200 سنتمتر تستعمل في تزيين الجدران وأرضية البيوت؛ وزراب صغيرة الحجم بطول 120 سنتمترا وعرض 80 سنتمترا غالبا ما تستعمل كفراش أو في تزيين غرف المنازل. وتشمل مكونات هذا المنتوج التقليدي، الذي ينسج في مختلف قبائل زيان، متجاوزا الصفة النفعية إلى الشهرة العالمية، مقومات تقنية وأخرى فنية تتجسد في أشكال هندسية بسيطة مزركشة برسوم الحيوانات والمناظر الخلابة، وألوان جذابة يغلب عليها اللون الأحمر؛ وهو ما يعكس الحس الجمالي للنساء اللواتي يتفنن في رسم لوحة فنية وجمالية تسر الناظرين. وتعكس الألوان والعلامات والأشكال الهندسية والتصاميم بالزربية المرابطية، كون مدينة مريرت تعد أحد المكونات الأساسية لعاصمة زيان التي تشكل ملتقى للثقافة الأمازيغية المعروفة بتنوع ثقافتها، وجودة وجمالية منتوجاتها التقليدية المحلية، وكون الإقليم يعرف خليطا من القبائل الأمازيغية المتمركزة بجبال الأطلس المتوسط، مما يشكل انعكاسا إيجابيا على قطاع الصناعة التقليدية. وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، قالت الصانعة فاطمة توفيق (65 سنة)، وهي نساجة من منطقة مريرت، إنها قضت أزيد من 50 سنة في مزاولة حرفة نسج الزربية المرابطية، بالاعتماد على مواد أولية محلية طبيعية، كالصوف المحلي وبعض الملونات الطبيعية، مؤكدة أن هذه الحرفة التي ورثتها عن جدتها وأمها تعتبر مصدر الدخل الرئيسي لأسرتها، على الرغم من تواضعه. ووفق الظروف الطبيعية والإمكانات التي يوفرها محيطها الطبيعي، وحسب ما تمليه ظروف الرعي، الذي يضمن إنتاجا حيوانيا قارا، وبالتالي ضمان المادة الأولية، وهي الصوف، التي تصنع بها الزرابي، تقول فاطمة إنها تقضي وقتا طويلا في البيت في عمليات خلخلة الصوف وغزله وصباغته ونسجه، وبعد ذلك تقوم بطرح المنسج وتثبيته، لتبدأ عمليات نسج الزربية التي تتحول في نهاية المطاف إلى لوحات فنية بديعة. وأفادت فاطمة بأنه، وعلى الرغم من أن قطاع الزرابي يعد حيويا بالأطلس المتوسط، فإنه يتخبط في مشاكل عديدة، لا سيما في ما يخص التسويق، إذ بدأ بريقه يتراجع بشكل ملحوظ منذ الثمانينيات، نتيجة تراجع الطلب على المنتوج والتوجه نحو استهلاك الزرابي التي تعتمد على الآلة ذات الكلفة البسيطة. ومع ذلك - تضيف فاطمة - فإن جودة الزربية التقليدية المرابطية، التي تصنع بأنامل المرأة القروية، ليست كتلك التي تصنع بالآلات، لكون الزربية التقليدية تصنع بمواد أولية، كالصوف والنباتات الطبيعية، وتنسج بوسائل تقليدية؛ وهو ما يمنحها قيمة أكبر، ويجعل منها صناعة تقليدية راسخة في الأذهان وذات أبعاد تراثية وحضارية عريقة. من جهته، أبرز يوسف الصبري، مدير المركب الاجتماعي متعدد الاختصاصات "آيت عمي علي بولوحوش"، في تصريح مماثل، أن الجمعية المسيرة للمركب تعمل على احتضان وتكوين عدد من النساء الذين بلغ عددهن نحو 84 مستفيدة في ورشة لصناعة الزربية المرابطية، بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بهدف تحسين جودة المنتوج وتسهيل اندماجهن في المجتمع، والمساهمة بشكل كبير في التعريف بهذا المنتوج وتسويقه داخل المغرب وخارجه. وأشاد، في هذا الصدد، بالمجهودات التي تبذلها الصانعات التقليديات في الحفاظ على استمرارية منتوجات الصناعة التقليدية، وخاصة الزربية المرابطية.