ما الذي يصنع الأبطال غير عزيمة الرجال؟ وما الذي يؤسس لمجد الأساطير غير هوية الإرادة والإصرار؟ وما الذي يرسم الملاحم والفتوحات غير ثبات العزم وشدة الحزم ورباطة الجأش؟ وأخيرا وليس آخرا ما الذي يصنع الأعياد وألوان الربيع غير غبطة التفاؤل وزخات الغيث والتبشير قبل التنفير، التيسير بدل التعسير·· "" بسم الله مجراها ومرساها إذن، وعلى بركة الله اليوم يكون الأسود ومعه نحن قد انطلقنا صوب أكرا الغانية في رحلة النصر إن شاء الله، في رحلة مطاردة الحلم الهارب المستعصي منذ ما ينيف عن ثلاث عقود وفي رحلة كشف الحجاب عن لقب ثان وغال طال انتظاره وأظنى عشاق الكرة بالمغرب الشوق لملامسته· وغير التفاؤل الذي يغرق فيه الجميع هذه المرة لاعبون، طاقم فني، جمهور وسواد أعظم من رجال الإعلام، تفاؤل مشوب بحذر لكنه قريب من لغة الواثق المتيقن من بلوغ هدف يراه على مرمى حجر وأقرب من حبل الوريد، قلت غير هذا التفاؤل المشروع والذي ينبغي أن يكون مشروطا بقليل من الحزم وكثير من الروية والكياسة، كي لا ينقلب السحر على الساحر وكي لا يصبح هذا التفاؤل مرادفا للغرور غير المرغوب فيه··· فإن الحلقة واللبنة الأهم هي مشارفة جانب الموضوعية والمنطق ومحاكاة سياق الواقع وليس لغة السراب· ولا تعتبروا ما أكتبه شبيه بإدارة المرود في المكحلة أو أن أجعل قلمي يتقيأ في محبرة، بل هو موقف شخصي ونظرة تخصني قد يختلف معها الكثيرون بذات الوقت الذي قد يشاطرها نفس القدر من الناس والجمهور، فهل حقا نحتكم على ذلك المنتخب الهلامي الذي لا يشق له غبار والكفيل بإبتلاع الخصوم والمنافسين بأقل تكلفة ممكنة؟ وما الذي غير وقائع الأحداث في ظرف وجيز من سوداوية قاتمة إلى نظرة حالمة؟ علما أن نفس الوجوه ظلت حاضرة ونفس الأسماء هي ذاتها·· أي وصفة ساحرة حولت البوصلة من فيافي وقفار الشؤم صوب واحات وحدائق البهجة والفرح؟ بالتأكيد أن حلول هنري ميشيل بديلا لمحمد فاخر هو كلمة السر التي وحدت الجميع، وهو كلمة السر التي ألغت بذرات الخلاف والإختلاف هو الكلمة المفتاح والوصفة الشبيهة بالمرهم الذي داوى كل الجراح، ليس لأن بفاخر علة أو سقما أو جذاما، بل لأن هناك من خطط وهندس وزرع المتاريس وأجاد حياكة المقالب والدسائس لغاية في النفس، ما جعل اللاعبون يشعرون بالنفور ويشعرون بالضجر، قبل أن تعود لهم بهجة اللعب ومتعة اللعب وسعادة اللعب وحين تحضر كل هذه الخصال الثلاث فإن لاعب الكرة يصبح جنيا وعفريتا وماردا ويعطي بسخاء وبلا حدود وهذا ما حدث مع رفاق الشماخ وحجي· وحتى لا نوقظ الجراح ونحرك المواجع، فإني أنظر إلى مشاركة الأسود من منظار الموضوعية، صحيح أن ما قدمناه بالتدريج والتسلسل في المحكات الإعدادية لحد الآن رفقة هنري ميشيل يزيد من جرعات الثقة والتفاؤل والإطمئنان، لكن بين الودي والرسمي بون شاسع يغني عن كل مقارنة أو مقاربة، وكثيرة هي المباريات الشاهدة على انبعاث منتخبات تخسر بالستة والسبعة وديا وتواري أخرى في المحك الرسمي بعد أن تكون تعملقت وديا· إن كان مسموحا لي بقراءة فنجان مشاركة الأسود هذه المرة، فالقول يقودني لمنحه الأفضلية بحكم العادة والإعتياد التي تنصف البلد المضيف أن يتأهل رفقة غانا، لكن للأمانة وبصدق غينيا ترعبني كثيرا وأضع لها ألف حساب والمنطق ذاته يقول بإستحالة الجزم بهوية محظوظي المجموعة الثانية وإن كنت أنظر للكوت ديفوار ونيجيريا صاحبي امتياز على أن الكاميرون ومصر ستقصان شريط الثالثة لتلتحق بهم السينغال وأنغولا عن الرابعة· واصلت هوايتي في قراءة الفنجان لأصل لمربع ذهبي يجمع المغرب، غانا، الكاميرون وأنغولا على أن النهاية ستجمع فريقين يحملان إسم الأسود (الأطلس وغير المروضة) لأمني النفس بقصاص من أسود الكاميرون وبأجمل طريقة والعودة بكأس غالية وغالية جدا إن شاء الرحمن· كل هذه الأحلام وكل هذه القراءات وما أكثرها إنما تعكس وبجلاء الكامن في الضلوع من أماني، تعكس كل العطش للتتويج القاري حتى أضحى أقرب للهلوسة منه للهَوس، ليس بعزيز على هذا الجيل أن يدون اسمه في خانة الأبطال وليس بغال على رفاق بصير وخرجة والعلودي والشماخ وحجي أن يؤسسوا لأنفسهم سجلا ذهبيا يلحقهم بركبان الكبار الذين خلدهم التاريخ، نحتكم على المادة الخام ونحتكم على الملكات القادرة على تذويب الفوارق الصاروخية في بورصة أسهمها مع نجوم بلغوا حافة النصف مئة مليار من السنتيمات، فقط لو يحالفنا الحظ وتجتمع وصفة هي مزيج وخليط من حسن الطالع مع قليل من التوفيق وابتعاد الأعطاب وإنصاف التحكيم والقدرة على التكيف مع المناخ، فإننا بكل تأكيد قادرون على صياغة ملحمة ثانية، لكن الوصفة الأهم هي دعاء شعب ودعاء أمة كاملة خلف منتخبها لأنه بدعواتكم، الإليادة ممكنة، وما يراه البعض من صميم الإعجاز قد يدخل خانة الإنجاز وبالله التوفيق·