تمثيلية حكومية ورسالة ملكية، تلك هي بوادر التحرك المغربي على مستوى القمة العربية الأوروبية المنعقدة بشرم الشيخ المصرية، بحضور العديد من قادة الدول الأوروبية والخليجية وممثلين عن أزيد من خمسين بلدا، من أجل بحث العديد من الملفات العالقة؛ يتقدمها الهجرة غير الشرعية واللاجئين، فضلا عن الوضع في كل من سوريا والعراق وليبيا، في حين لا معطيات توحي بإدراج ملف الصحراء. القمة الأولى من نوعها لا تزال محاطة بكثير من الترقب، خصوصا أنها تأتي في سياقات غليان داخلي على مستوى دولتي الجزائر والسودان، المقبلتين على بوادر تغيير داخل سدة الحكم السياسي، فضلا عن أجواء غير سليمة داخل الاتحاد الأوروبي، عمقتها الأزمة الصامتة بين إيطاليا وفرنسا، وأججها الصراع داخل البيت البريطاني بخصوص قرار الخروج من تنظيم "القارة العجوز" أو البقاء داخله. وراهنت الرسالة الملكية، التي تلاها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني خلال أشغال القمة، على "مزيد من التلاقي مع الأوروبيين من أجل تحقيق المنشود؛ لكن في الوقت ذاته، رفضت ما أسمته التدخل الأجنبي في قضايا العرب، مع السماح للشركاء الموثوق بهم القيام به من لمنع أي مساس بالأمن القومي العربي". مصطفى طوسة، المحلل السياسي المغربي المقيم بفرنسا، قال إن "مشاركة المغرب في القمة العربية الأوروبية مهمة جدا؛ لأنها هي الأولى من نوعها، وبلد بحجم المغرب بأدواره الدبلوماسية الريادية في المنطقة كان لا بد أن يكون حاضرا في القمة، لكي ينزل بكل ثقله على أجندتها وكذا التوصيات التي يمكن أن تخرج عنها". وأَضاف طوسة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "في منظور الحوار الأوروبي العربي، هناك خبرة ومعرفة تاريخية للمغرب بخصوص الموضوع، ويمكن أن يكون طرفا منعشا للحوار"، مشيرا إلى أن "الموقف الملكي من رفض التدخل الأجنبي في المنطقة هو من ثوابت الدبلوماسية المغربية، وكانت هناك عدة مناسبات استغلها الملك محمد السادس من أجل حماية المنطقة من التدخلات الأجنبية، التي عادة ما تتسبب في فوضى". وأوضح المتحدث أن "التدخل لا يحل عادة الأزمات القائمة، وهذا الموقف حكيم ويتناغم مع تطلعات الدول العربية، حيث عليها أن تحل مشاكلها بنفسها، وأن تجد الوتيرة الديمقراطية والسياسية التي يمكن أن تكون حلا لمشاكلها". وزاد المحلل السياسي المغربي المقيم بفرنسا، بخصوص استفادة المغرب من القمة، أن "هناك عدة علاقات متوترة مع قوى إقليمية مثل دول الخليج، واللقاء هو فرصة لتنقية الأجواء ووضعها على المسار الصحيح". وأردف طوسة أنه "يجب أن يكون هناك عمل سياسي عربي مشترك يكون للمغرب دور فعال فيه؛ بحكم موقعه الإستراتيجي القريب من أوروبا، وبفضل الدور الريادي للملك محمد السادس في شؤون الدبلوماسية الإقليمية والعالمية"، وزاد خاتما: "كل الفائدة كانت للمغرب من المشاركة".