تحتَ شمسٍ حارة، جالَ الآلافُ من الأساتذة المتعاقدينَ شوارعَ الرباط بزيّهم الرّسمي، داعينَ الحكومة إلى الاستجابة الفورية لمطلب إسقاطِ نظام التعاقد، الذي "أفقرَ آلاف الأساتذة وهدّم المدرسة العمومية"، قبْلَ أن تنْتَهِي مسيرتهم التي تزامنتْ مع الذكرى الثامنة لحركة 20 فبراير بإصابات في صفوفِهم عقب تدخل أمني "عنيف". المسيرة التِي انطلقتْ زهاءَ الحادية عشر والنصف صباحًا بالقُرب من ساحة 16 نونبر بالرّباط، رفعَتْ شعاراتٍ تراوحتْ بينَ المطالبة بإلغاء نظام التعاقد والإدماج الفوري في أسلاك الوظيفة العمومية، ورفض التوقيع على ملحق العقد بعد سنتين على تعيين أول فوج من الأساتذة المتعاقدين عام 2016. ووفقاً لمصادر أمنية، قدّر عدد المشاركين في هذه المسيرة، التي جاءتْ بأساتذة من مختلف الأقاليم المغربية، بحولي ألفيْ محتج، لكنَّ مصدرا من التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد شكّك في هذا الرّقم وقال إن "العدد يفوقُ 35 ألف مشارك". ولوحِظَ انتشارٌ كبير لعناصر أمنية بالزَّي المدني، التي ظلَّت تُراقب تحرك الأستاذة الغاضبين الذينَ حجّوا من مختلف أقاليم المملكة، إلى غاية انتهاء الشَّكل الاحتجاجي الذي دامَ حوالي ثلاث ساعات، والذي انتهى بوقوع إصابات في صفوف الأساتذة الذينَ دخلوا في مناوشات مع قوات الأمن بعد منْعهم من الوصول إلى مقر رئاسة الحكومة بالقرب من بابِ السّفراء. وتدخّلت قوات الأمن بقوة لمنع الأساتذة المتعاقدين من الوصولِ إلى مقر رئاسة الحكومة الذي يجاور القصر الملكي بالعاصمة الرباط، حيث قام العشرات من الأمنيين بتفريق رجال ونساء التعليم بقوة وباستخدام شاحنات خراطيم المياه التي كانتْ بمحاذاة باب السفراء، غير بعيد عن مقر وزارة التربية الوطنية. وحاولت القوات العمومية بقوّة منْعَ الأساتذة المحتجين من مواصلة المسار صوب باب السفراء، وفرضت عليهم تغيير المسار، وهو المنع الذي لم يستسغه المتعاقدون ليدخلوا في كر وفر واصطدامات مع الأمن انتهت بإصابة 15 أستاذاً، تمّ نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج. وردَّد المحتجون من الأساتذة والأستاذات المتعاقدين شعارات من قبيل "حرية عدالة كرامة"، "القمع لا يرهبنا"، "الحكومة زيرو"، "ما بغيتونا نخدمو.. ما بغيتونا نوعاو.. باش فينا تبقاو تحكمو"، "الموت ولا المذلة"، بينما طالبَ أساتذة آخرون برحيل الوزير الوصي على القطاع. ونقطة التّحول التي شهدتها المسيرة التي شاركَ فيها، بالإضافة إلى المتعاقدين، التنسيق النقابي المكون من النقابة الوطنية للتعليم (CDT)، والنقابة الوطنية للتعليم(FDT) ، والجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، وعدد من الوجوه اليسارية، كانتْ عندما حاولَ الأساتذة الوصول إلى مقرّ رئاسة الحكومة بالقرب من القصر الملكي، لكن قوات الأمن تدخلت بقوة للحيلولة دون ذلك. وقالتْ الأستاذة رجاء آيت سي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "العديد من الأساتذة المرسبين معتصمون أمام مقر الوزارة منذ أزيد من أسبوعين، لا لشيء سوى لإنصافهم، بعد أن اجتازوا امتحاناتهم الكتابية والشفوية ثم وجدوا أنفسهم عرضة للضياع". وأضافتْ عضو المجلس الوطني للتنسيقية أنَّ "اختيار تاريخ 20 فبراير للاحتجاج على الحكومة لم يكنْ عبثياً؛ لأنَّ مسببات الخروج إلى الشارع مازالتْ واردة"، مبرزة أنها ترفضُ ملحقات العقود لأنها "تكرس قانون التعاقد المشؤوم"، قبل أن تؤكد ضرورة إسقاط التعاقد والإدماج الفوري في الوظيفة العمومية. من جانبه، قال لحسن هلال، منسق جهة خنيفرةبني ملال للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، إن السلطة مُتعنّتة معهم وترفضُ الاستجابة إلى ملفهم المطلبي بإلغاء التعاقد وإدماج الأساتذة في سلك الوظيفة العمومية، مضيفاً أن "الأساتذة يعانون الهشاشة وسيواجهون الحكومة بمزيد من التصعيد".