هل سيمضي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في إخضاع الرافضين لتدريس العلوم باللغة الفرنسية للأمر الواقع، وجعْل لغة موليير اللغة الرسمية لتلقين التلاميذ مبادئ العلوم، رغم الرفض الواسع الذي يقابَل به هذا التوجه، سواء من طرف الرأي العام أو من طرف أغلب الفرق النيابية الممثلة في البرلمان؟ ثمّة مؤشرات كثيرة تدُلّ على توجّه سعيد أمزازي نحو فرْض تدريس العلوم باللغة الفرنسية، ليس فقط في التعليم الإعدادي والثانوي، بل حتى في التعليم الابتدائي، بشكل تدريجي، حيث بدأ تنفيذ هذه العملية في بعض المؤسسات التعليمية بجهة الرباط- سلا- القنيطرة، وجهة سوس- ماسة، حسب المعطيات التي حصلت عليها جريدة هسبريس الإلكترونية. وانطلق منذ أيام تكوينُ الأساتذة، بمن فيهم أساتذة التعليم الابتدائي، في المعهد الكوري للتكوين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجال التربوي بالرباط، فيما بدأ تدريسُ مادّة الرياضيات باللغة الفرنسية (تعليم بعض المصطلحات) في عدد من المؤسسات التعليمية التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الرباط- سلا- القنيطرة. تجريب تدريس العلوم باللغة الفرنسية انطلق في جهة سوس- ماسة أيضا، حيث اطلعت هسبريس على دليل موجّه إلى الأساتذة من طرف مجموعة مدارس صلاح الدين الأيوبي التابعة للمديرية الإقليمية بتارودانت، يحمل عنوان "دليل التناوب اللغوي في مادة الرياضيات بالسلك الابتدائي"، ويضم ترجمة مصطلحات مادة الرياضيات بالسلك الابتدائي إلى اللغة الفرنسية، "في إطار مشروع التناوب اللغوي في تدريس مادة الرياضيات". وأفاد مصدر من هيئة التدريس بجهة الرباط- سلا- القنيطرة أنّ تدريس مادة الرياضيات باللغة الفرنسية في الفصل السادس ابتدائي، بشكل تدريجي، انطلق في عدد من المؤسسات التعليمية بالجهة، فيما تُجرى العملية نفسُها في السلكيْن الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، وتشمل جميع الموادّ العلمية. وسبق لوزارة التربية الوطنية أنْ عمّمت مذكرة على مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ومديري المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، يوم 03 أكتوبر 2018، تتعلق بتكوين أساتذة المواد العلمية، وخاصة أساتذة الرياضيات، والفيزياء- الكيمياء، وعلوم الحياة والأرض، بهدف تقوية تمكّنهم من اللغات الأجنبية. تكريس الفرنسية لغةً لتدريس المواد العلمية في المدرسة العمومية المغربية يتجلى بشكل واضح في المذكّرة سالفة الذكر، إذ رغم أنّ الهدف من عملية تكوين الأساتذة في المواد غير اللغوية هو "التمكّن من اللغات المدرّسة وتنويع لغات التدريس"، فإنّ تكوين الأساتذة اقتصر فقط على اللغة الفرنسية وحدها. وحسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس، فإنّ التكوين الذي يستهدف تقوية تمكُّن أساتذة المواد العلمية من اللغة الفرنسية انطلق وسط "لخْبطة"، ويطرح إشكالا كبيرا بالنسبة إلى تكوين أساتذة التعليم الابتدائي، حيث يتعارض تدريس مادة الرياضيات بالفرنسية، الذي تم الشروع في تجريبه، مع مقتضيات الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، التي تحصر تدريس بعض المضامين أو المجزوءات باللغة الفرنسية في التعليم الإعدادي والثانوي فقط.