قال عبد المنعم المدني، مدير الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، إنه "رغم ظن الناس أن الوكالة مؤسّسة بيروقراطية، إلا أن مرجعها هو حقوق الإنسان"، مضيفا أن "جوهر الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل هو الإنسان". ودافع المدني في سياق حديثه، برواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الخامسة والعشرين، عن التشريع الإسباني، واصفا إياه بكونه "لا يتناقض مع وضعية عمل الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص، بل يحميها". وانتقد المتحدّث حديث حقوقيين عن سبب اختيار النساء بالضبط للاشتغال في حقول الفراولة، متسائلا: "هل المرأة المغربية غير مكتملة الرشد والشخصية؟"، و"هل نريد التراجع عن تحرّر المرأة؟"، مضيفا أن "الإقصاء الحقيقي هو اعتبار المرأة غير المتعلّمة تحت مستوى الإنسانية". وأقرّ مدير وكالة إنعاش التشغيل باستمرار وجود إشكال مقاربة النّوع في سوق الشّغل، رابطا "موضوعيا" قسوة ظروف عمل عاملات الفراولة المغربيات في الحقول الإسبانية ب"قسوة الفلاحة"، وتحدّث في السياق نفسه عن "اليقظة الحقيقية للوكالة في مجال حماية المرأة"، وضرورة القطع مع جملة "نجيب طريّف دالخبز لوليداتي"، أي "أُحضر كسرة خبز لأبنائي"، لكونها تحطّ من وضعيّة المرأة. توصل الوكالة بطلب تشغيل، حسب مديرها، من وسط يحمي المرأة، جعل من واجبها عرض الفرصة أمام المغاربة، وزاد متحدّثا عن برنامج تأطيري تحسيسي مبسّط تقوم به الوكالة هذه السنة حتى تعرف العاملات الموسميّات أنّهنّ سيعملن في ميدان قروي داخل حقول، نافيا أن يكون مصدر "السلوكات المجانبة" في حق العاملات من جهة رسمية إسبانية أو من طرف المنتجين الإسبان. وتحدّث المدني عن بحث الوكالة هذه السنة عن أمهات عازبات تتوفّر فيهن شروط العمل المطلوبة، موضّحا أنه تمّ الوصول، عبر جمعية من الجمعيات مشتغلة في المجال، إلى 13 عاملة، ومجدّدا تساؤله عن إمكانية الحديث عن تمييز إذا كانت مداخيل العاملات تفوق الحد الأدنى للأجر، ومدافعا عن "اجتهاد" ترجيح تشغيل العاملة التي عندها أبناء استنادا إلى معيار الخلفية الاجتماعية. من جهتها ذكّرت لطيفة بوشوى، عن فدرالية رابطة حقوق النساء، بأنّ "تأنيث العمل في إطار غير مهيكل ينتج هشاشة"، وبأنّ الملف طُرح السنة الماضية بعد شكاوى متعلّقة بالاغتصاب والتّعرّض للعنف، موضّحة أن "التمييز على مستوى تأنيث الفقر لا يجب أن يبقى بتشغيل المرأة بنفس الحقوق"، وأنّ "المقاربة الحقوقية كل لا يتجزّأ من بدايتها وحتّى نهايتها". وذكرت الناشطة الحقوقية أن فدرالية رابطة حقوق النساء تعترف بالمجهود الكبير الذي تمّ "ليأخذ هذا الملف مداه، ويكون أثر على مستوى الممارسة والفعل في ما يتعلق بالتعاملات"، قبل أن تستدرك قائلة: "لكننا مازلنا في الخطوة ما قبل الأولى، وهذا مسار طويل...". بوشوى أشارت إلى وجود "لوبيات اقتصادية لها تأثير"، رغم وجود مشغّلين جيّدين، منتقدة استمرار العمل بعقدة عمل باللغة الإسبانية، ما يجعل العاملة تشتغل وهي لا تعرف بنود عقدتها، ولا تمتلك نسخة منها، مع نزع جواز سفرها، فضلا عن إشكالات منح بعض العاملات الموسميات تعويضات تَقل عن 400 مائة درهم لليوم الواحد. وشجبت الحقوقيّة عدم تشكيل آلية مشتركة للمراقبة والتتبع، وعدم استدعاء الجمعيات لمواكبة هذه الآلية الإيجابية التي ستمكّن من تتبع الملف، مشيدة بالاتفاق الذي تم لمواكبة وضعية بعض النساء العاملات في حقول الفراولة وتطبيبهنّ، ثم استدركت قائلة: "لكنّنا لا نعرف إلى أين ستصل".