تقدم برلمانيون بمقترح قانون لإحداث وكالة وطنية لحماية الخطارات، يكون مقرها الرئيسي بمدينة الرشيدية، للحفاظ على هذا التراث الإنساني الذي يعتبر من الأساليب الناجعة للتعاطي مع ندرة المصادر الدائمة للمياه ومظهراً من مظاهر التكيف مع الطبيعة. مقترح القانون الذي تقدم به الفريق البرلماني لحزب الاستقلال بمجلس النواب هذا الأسبوع، يدعو إلى تثمين هذا التراث الذي تم تشييده منذ مئات السنين في الواحات المغربية كابتكارات هندسية رائعة وأساليب تقليدية لحفظ وتخزين وتوصيل المياه. وبحسب الفريق الاستقلالي، فإن هذه الخطارات ساهمت بشكل فعال في حماية الواحات وتوسيع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بها، وبالتالي تنشيط الحركة الاقتصادية على المستوى المحلي والمحافظة على البيئة ومحاربة التصحر والحيلولة دون الهجرة القروية باعتبارها عاملاً بارزاً لاستقرار الساكنة. وأشار نص مقترح القانون إلى أن هذه الخطارات "تعيش وضعية مقلقة اليوم بفعل عوامل طبيعية وبشرية مرتبطة بالتغيرات المناخية والتحولات السوسيو-ثقافية التي تعرفها مناطق الواحات؛ ذلك أن كثيراً منها أصبح خارج الخدمة، فيما بعضها الآخر يقاوم من أجل البقاء". وأبرز أنه في ظل ضُعف السلطة الفعلية للجماعات السلالية التي تسير الخطارات، الشيء الذي ساهم في التهرب من الالتزامات الجماعية ومن القوانين والأعراف المحلية ومن الامتثال للأنظمة الموروثة، خاصة المشاركة في أشغال الصيانة، ازداد إهمال العمل الجماعي لصيانة هذه الخطارات، من قبيل إزالة الأوحال والكتل الطينية التي تؤدي إلى توقف جريان المياه. وأكد الفريق البرلماني أن الخطارات لم يعد بالإمكان صيانتها بواسطة الوسائل القديمة التي يمتلكها السكان، والتي لم تعد كافية وأثبتت محدوديتها، وهو ما يقتضي، بحسبه، اعتماد طرق عصرية للإصلاح والترميم والتتبع والبحث عن موارد دعم من مختلف الأطراف المتدخلة، بما فيها المنظمات الدولية، من أجل تحديثها وحمايتها وصيانة المياه بداخلها بشكل يحترم البيئة وخصوصيات المناخ في الواحات. وقال فريق حزب الاستقلال إن مقترحه بإحداث وكالة وطنية للخطارات هدفه إعادة توجيه الاهتمام نحو الخطارات من خلال إحداث وكالة تعمل على صيانة المنشآت التاريخية وضمان استمرارها في أداء وظيفتها، إضافة إلى إعادة الاعتبار إلى هذا النوع من أساليب الري التقليدية التي تضطلع بأدوار اقتصادية واجتماعية وبيئة غاية في الأهمية. كما يسعى هذا المقترح إلى تجاوز ما وصفه الفريق البرلماني ب"الأوضاع المقلقة التي تعيش على وقعها أغلب الخطارات والتي تؤثر على البنية الإيكولوجية الهشة بمناطق الواحات، خاصة وأن اندثار خطارة واحدة يشكل خسارة ويؤثر على النشاط الاقتصادي وينعكس سلباً على المنظومة البيئية". وبحسب مضامين مقترح القانون، الذي يتطلب موافقة الحكومة قبل مناقشته، تقوم الوكالة، بتنسيق مع السلطات الحكومية والمحلية والجماعات ومنظمات المجتمع المدني، بإعداد وتنفيذ استراتيجية شاملة لحماية وإصلاح وتطوير الخطارات، والعمل على إعادة الاعتبار لهذا النوع من شبكات الري التقليدي. كما يعهد للوكالة أيضاً بإحداث نظام وطني للمعطيات الخاصة بالخطارات، ووضع أدوات إحصائية وخرائط لمعرفة عدد الخطارات وأماكن تواجدها والوضعية التي توجد عليها ومتوسط صبيب المياه بها، وكل المعلومات الضرورية لبلورة وتنفيذ أهداف الوكالة. ويناط بالوكالة أيضاً تشجيع وتحفيز البحث العلمي في مجال بناء وصيانة الخطارات، وتشجيع استعمال الأساليب الحديثة في مجال التدبير المعقلن للموارد المائية، واقتراح أماكن بناء السدود التلية والمنشآت المائية التي تراها ملائمة لدعم الفرشة المائية للخطارة، وتقديم دعم سنوي لحاملي المشاريع المبتكرة في هذا المجال.