بعد الاتهام الذي وجهه مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، للتجار الكبار بخلق البلبلة في صفوف التجار الصغار، ودفعهم إلى خوض إضرابات احتجاجا على "الفوترة الرقمية"، عاد الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى تحميل التجار الكبار مسؤولية الاضطراب الذي شهده قطاع التجارة الداخلية مؤخرا. عبد الإله حفظي، رئيس فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، لم يتردّد في توجيه الاتهام إلى من سمّاهم "مافيات التهريب"، في إشارة إلى التجار الكبار الذي يستوردون السلع من الخارج دون أداء الرسوم الضريبية. وقال حفظي، في سؤالِ موجّه إلى رئيس الحكومة، في الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين: "بارونات التهريب هم الذين قاموا بتجييش التجار الصغار، بهدف التملص من الضريبة، رغم أنّ الإجراءات المتعلقة بالتعريف الموحد للمقاولة لا تهم التجار الذين يقل رأسمالهم عن مائة مليون". واتهم حفظي "مافيات التهريب" بالوقوف وراء إضرابات التجار، قائلا: "هؤلاء الناس يريدون أن تسود الضبابية، واستغلوا حُسن نية التجار الصغار ودفعوا بهم إلى الاحتجاج"، مثمّنا المرونة التي تحلّت بها إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في التعاطي مع هذا الملف عبر الحوار مع ممثلي المهنيين. ودافع الاتحاد العام لمقاولات المغرب عبر فريقه في مجلس المستشارين عن تدبير التعريف الموحد للحكومة، إذ اعتبر حفظي أن هذا الإجراء "يكتسي أهمية كبرى لترسيخ الشفافية والوضوح"، محذرا من استشراء التهريب، الذي يهدد التنافسية ويهدد قطاع التجارة. في المقابل، دعا حفظي إلى مراجعة المنظومة الضريبية، معتبرا أنّ الضرائب في المغرب لازالت في مستويات مرتفعة مقارنة مع بعض الدول المقارنة، وهو ما يدفع، بحسبه، المقاولات إلى الانزلاق نحو القطاع غير المهيكل. من جهته جدّد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، التأكيد على أنَّ "الفوترة الرقمية" لا تعني المهنيين والتجار الصغار، قائلا: "هذا الأمر انتهى، وإذا حدث وطالب أحد من أعوان الإدارة تاجرا صغيرا بأن يدلي بالفاتورة الرقمية فيمكن أن يخضع للمساءلة". العثماني دافع عن إجراء التعريف الموحد للمقاولة، الذي شرعت الحكومة في العمل به منذ سنة 2011، بشكل تدريجي، ودخل حيّز الإلزامية سنة 2016، ذاهبا إلى القول إنّ هذا الإجراء ستكون له انعكاسات إيجابية جدا على النموذج التنموي الذي يطمح المغرب إلى تحقيقه. وفي وقت أكدت الحكومة أنّ التجار الصغار غير معنيين بإجراء التعريف الموحد للمقاولة، يطالب التجار الكبار الذين يحققون رقم معاملات في حدود مائة مليون سنتيم برفع هذا السقف إلى ثلاثة ملايين على الأقل، وهو المطلب الذي رحّب به رئيس الحكومة، إذ أكد أن هذا الأمر "ممكن ومنطقي". وحسب الأرقام التي قدمها رئيس الحكومة، جوابا على أسئلة المستشارين، فإنّ التجارة الداخلية تحتل الرتبة الرابعة على مستوى خلق الثروات في المملكة بحوالي ثمانية بالمائة، إذ سجّلت قيمة مضافة بقيمة 84 مليار درهم، سنة 2017، كما تحتل المرتبة الثانية من حيث خلق مناصب الشغل، على الصعيد الوطني. وفي المجال الحضري يحتل قطاع التجارة الرتبة الأولى في توفير مناصب الشغل، بنسبة 21 في المائة.