فاز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات التشريعية التي نُظمت يوم25 نوفمبر فحصل على عدد من المقاعد لم يكن يحلم بها وحتى في منامه حتى لا نقول في حلم يقظة وتأمل . وليس بوسعنا إلا أن نردد " قل اللهم ما لك الملك توتي الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء " . وانسجاما مع الفصل 47 من دستور2011 سيعين الملك محمد السادس رئيس أول حكومة في ضوء الدستور الجديد ، ومن الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها . والسؤال هو " العلام" الذي سيقود " سربة " الحكومة المنتظرة التي ستضم دون شك الحزب الفائز العدالة والتنمية وحزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية ، ما لم تكن هناك قراءة أدق- بإضافة حزب آخر- لتحقيق قوة الحكومة وانسجامها بمستوى أعلى. فهل سيكون " علام" سربة الحكومة الجديدة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية السيد عبد الإله بنكيران ، الذي صرح في السابق في برنامج حوار بأنه مستعد ليكون رئيس الحكومة في حالة قام الملك بتعيينه ... كانت تلك فراسته ...ولقد قيل " فراسة المؤمن لا تخطئ " وهي لن تخطئ بالطبع بحيث سيكون رئيس الحكومة من حزب العدالة والتنمية كيفما كانت الأحوال. بعد تعيين " علام " الحكومة الجديدة ، سيشرع هذا الأخير في مشاوراته داخل حزبه ومع أحزاب أخرى لتأليف حكومته التي سيعرضها على الملك ، والمأمول أن تكون حكومة منسجمة ، تضع أمام أعينها انتظارات المغاربة في احترام تام للدستور ، وأن تكون منفتحة -كما ينص على ذلك الفصل 13 من الدستور – على كافة الفاعلين الاجتماعيين لإعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتقييمها وذلك بالانفتاح التام على المجتمع المدني ،وبمده بكامل اللآليات التي ستمكنه من التتبع والمراقبة والمحاسبة ، لاسيما وبرنامج حزب العدالة انبنى قصدا على محاربة الفساد والاستبداد ، ومن أجل تأمين حكامة جيدة تقود إلى ترسيخ العمل الجاد الذي سيعطي إضافة للعمل الحكومي ويحمل انفراجات اجتماعية قوية ترجع حلقة الثقة المفقودة بين شرائح من الشعب والسلطة . سيعمل رئيس الحكومة المعين من حزب العدالة والتنمية مع زملائه في الحزب ومع زملاء جدد قادمون من أحزاب سياسية وازنة " حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية والتقدم والحركة الشعبية ، وهي الأحزاب التي كانت إجمالا تقود الحكومة السابقة برئيس وزراء له صلاحيات محدودة وليس برئيس حكومة توسعت صلاحياته وأصبح يلعب في نطاق محدد بعد التوجه نحو فصل السلط إجرائيا. وبطبيعة الحال وكما يقول المثل :" لسبقك بليلة سبقك بحيلة " فأحزاب الكتلة متمرسة ولها دراية كافية بكافة الملفات ونظرة استشرافية على المشاريع المستقبلية وكونت علاقات داخلية وخارجية ، وسيكون من السهل أن تتعامل مع تلك الملفات بانسيابية أكثر ، الأمر الذي سيتطلب مجهودات إضافية من وزراء العدالة والتنمية وكذلك من رئيس حكومتها ، لذلك سيكون مطلوبا من الحكومة وكما أرادها الملك : قوية منسجمة لربح الوقت والجهد مع درء كل الخلافات السياسية والانكباب على المشاريع الحكومية بقلب رجل واحد ويد واحدة واستشراف واحد . من أجل ذلك من المفروض أن تكون حكومة رئيس الحكومة ليست حكومة حقائب وإنما حكومة " نجوم " بارعون في مجال الماركوتينك السياسي قصد كسب معاقل خارجية ، وبارعون كذلك في تحليل الرغبات الاجتماعية قصد بناء مشاريع لإشباعها ، كما أنهم بارعون لكسب " المحاور" ولكسب المغرب جاذبية أكثر ليكون وجهة استثمارات ليس فقط سياحية وإنما تكنولوجية وصناعية . سننتظر قدوم " العلام" الجديد الذي نأمل أن يكون ذكيا رزينا مثقفا له كاريزما خاصة ويتميز عن غيره بمصاحبة ومراقبة ومعاقبة كل الفاسدين " وحدة وحدة" دون هدم صادم ولا موج عرم ، بالحكمة وباتباع خطوات الدستور حرفا حرفا وحتى يقود المغرب إلى شاطئ الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان ، عن طريق فتح البصائر والتربية على الحقوق والواجبات من جديد ، واحترام مساحات الحرية حتى لا تتحول الحريات إلى تسيب وفوضى ، ويفقد الإنسان المغربي ما كان يتميز به : حب الوطن ومن فيه. فالحب أجمل ما يحمل الإنسان بين ضلوعه ، لذلك يجب أن يبقى الجامع بين كافة المغاربة سواء أكانوا ناخبين أو منتخبين ، أكانوا هيئات، أو أحزابا . ويجب ألا ينظر من لم يصوت للذي صوت بعين السوء، ولا الأحزاب التي لم تفز للتي فازت بعين الضغينة والحسد . وإنما يجب أن يسود التعاون بين كافة المكونات الاجتماعية والسياسية ، بين من في الحكومة ومن في المعارضة حتى يكون المغرب هو الرابح في الأول والأخير . يجب أن ينظر من في الحكومة لأنفسهم على أنهم "هم "الذين يعولون هذا الشعب " آباءه" ومن أجل ذلك عليهم فعل كل شيء من أجل " إسعاده" . يجب أن ينظر المغاربة لأنفسهم على أنهم أسرة واحدة ومطالبون بنشل " الخبيزة " من بين أنياب "السبع " الأمم الأخرى ، وأن يفعلوا كل ما في وسعهم حتى لا يسقطوا " اشماتة " أمام تلك الأمم في إحدى لحظات ضعف اقتصادي ، إيماني أو نفسي. و سنفرح فرحا ما بعده فرح عندما سيردد العلام " الحافظ الله " وهو يعطي انطلاقة مشاريع واعدة ومربحة ، ستعيد الدفء لنفوس المغاربة . وقتها سنقول حتما بعد أن تقطع "السربة" المسار ، ويطلق فرسانها بارود النجاح " تبارك الله عليكم ، الله يعطيكم الصحة!".