أكد فاعلون جمعويون الحاجة الملحة إلى إعادة الاعتبار إلى العمل الجمعوي التطوعي، وجعله دعامة أساسية من دعامات التنشئة الاجتماعية، وترسيخ مبادئ المشاركة والمواطنة داخل المجتمع المغربي. وأبرز المشاركون، خلال ندوة فكرية نظمتها حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي بشراكة مع وزارة الشباب والرياضة، في الرباط، حول موضوع " العمل التطوعي بالمغرب رهانات وتحديات"، أن العمل الجمعوي والمدني شهد تطورا نوعيا بالمغرب من خلال تنامي المبادرات التنموية والجمعوية، مسجلين أن تطور مجال العمل الجمعوي يمكن أن يشكل قاطرة لإعادة الاعتبار للفعل التطوعي. وأكد المتدخلون، خلال هذه الندوة التي تميزت بمشاركة خبراء، على دور المدرسة والجامعة في تكريس فعل وقيم التطوع على المستوى الأكاديمي والعملي، واعتبار التطوع مكونا للتنمية المستدامة تنخرط فيه السلطات العمومية والمحلية والمجتمع المدني والمواطنون. وبعد أن توقفوا عند الإرهاصات الأولى للعمل التطوعي التي انطلقت مع مشروع بناء طريق الوحدة خلال خمسينيات القرن العشرين، استعرض المتدخلون الإكراهات والتحديات التي تواجه العمل التطوعي بالمغرب، منها على الخصوص، غياب القناعة المجتمعية بفكرة التطوع وآلياته، فضلا عن غياب إطار قانوني يعطي تفسيرا دقيقا للتطوع وينظمه ويظهر الفرق بين العمل التطوعي التلقائي والعمل التطوعي التعاقدي. ومن الاكراهات، أيضا، سجل المشاركون ضعف القدرات المدنية للمتطوعين حيث أن الغالبية العظمى منهم لا تتمتع بالتكوين الكافي من أجل القيام بالدور المطلوب في العمل الجمعوي، وضعف التشبيك الجمعوي، فضلا عن صعوبات ايجاد شركاء من المجتمع المدني خاصة في مجالات تدبير وتنشيط الفضاءات الاجتماعية والنهوض بالتنمية الاقتصادية. ودعا المشاركون إلى تعزيز وإصلاح البيئة القانونية المؤطرة للمجتمع المدني، واعتبار قانون التطوع مشروعا مجتمعيا، وسن سياسات حكومية مشجعة لنشر ثقافة التطوع والتربية عليه في كل مناحي الحياة الاجتماعية، مشددين على ضرورة الاعتراف بالمتطوع كفاعل تنموي وكذا بالجمعية العاملة في التطوع التعاقدي، وضمان حق المتطوع في التأمين والتكفل والمتابعة البيداغوجية والضمان الاجتماعي، فضلا عن الاعتراف بالكفاءات والمهارت المكتسبة من طرف المتطوع وذلك بتسليمه شهادة عند انتهاء مهمته التطوعية. كما أوصوا بخلق شراكات واعتماد استراتيجيات موحدة ومقاربة تشاركية لتثمين العمل التطوعي، وتنزيل وتفعيل المقتضيات الدستورية المؤطرة لعمل الجمعيات، مطالبين بالعمل على صيانة وحفظ ذاكرة ورموز العمل الجمعوي التطوعي عبر القيام بدراسات وأبحاث علمية تؤرخ لمختلف مسارات الحركة التربوبة الوطنية لجعلها نبراسا للأجيال الصاعدة. وشكلت هذه الندوة مناسبة لإثراء النقاش حول اشكالية التطوع في الوقت الراهن، خاصة على ضوء التجارب الوطنية واستحضارا للتحولات المجتمعية، واستعراض بعض التجارب الرائدة في مجال العمل التطوعي، وذلك في أفق المساهمة الفعالة والترافع لإخراج قانون حول التطوع، يستجيب للانتظارات الحركة التطوعية ومختلف الفاعلين. وتميزت الندوة، التي شارك فيها أيضا ممثلو الاتحادات والفيدراليات الجمعوية، بتتويج حركة الطفولة الشعبية والجمعية المغربية لتربية الشبيبة مناصفة بالجائزة الوطنية محمد الحيحي للتطوع في دورتها الثانية، وذلك عرفانا بمجهوداتهما في خدمة الفعل التطوعي. ويندرج تنظيم هذه الجائزة، التي تمنح تكريما لروح أحد رواد الحركة التطوعية التربوية والشبابية الحقوقية المرحوم محمد الحيحي الذى وافته المنية سنة 1998، في إطار اليوم العالمي للتطوع الذى يصادف 5 من دجنبر من كل سنة والتي يتم منحها إلى أفضل عمل جماعي في ميدان العمل التطوعي.