صادق مجلس النواب، خلال جلسة عمومية ، على مشروع قانون يلائم من خلاله مدونة التأمينات بالمغرب مع الشريعة الإسلامية، وهو تعديل تتطلع الأبناك التشاركية إلى إخراجه منذ سنتين. يتعلق الأمر بالقانون رقم 87.18 بتغيير وتتميم القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، وينص على ملاءمة التشريع الحالي مع مبادئ وأسس التأمين التكافلي المنبثق من أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها. ويعتبر التأمين التكافلي أهم منتج في منظومة المالية الإسلامية، إذ يرتبط بجميع المعاملات التي تقدمها، خصوصاً اقتناء العقار والسيارات. وقد لجأت هذه الأبناك إلى صيغة تلزم المستفيدين من مرابحة العقار بالعودة إليها لإبرام التأمين بعد دخوله حيز التنفيذ مستقبلاً. وأُعد هذا القانون المُعدل لمدونة التأمينات بعد مشاورات بين وزارة الاقتصاد والمالية وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، إلى جانب المجلس العلمي الأعلى عبر اللجنة الشرعية للمالية التشاركية المنبثة عنه، والتي تحرص على مطابقة كل التشريعات مع مقتضيات الشريعة. ويهدف هذا التعديل إلى تمكين المتعاملين مع البنوك التشاركية من التوفر على التأمين التكافلي، كما ينص على أن هذه البنوك وحدها تعرض عملية التأمين التكافلي والعائلي والتأمينات التكافلية المتعلقة بالإسعاف والقرض، وكذا إدراج الاستثمار التكافلي ضمن العمليات التي تعد في حكم عمليات التأمين. ويمنح هذا القانون ترخيصاً لجمعيات القروض الصغيرة بمزاولة عمليات التأمين التكافلي والتأمينات التكافلية ضد الحريق والسرقة المبرمة من طرف عملائها. وبموجب هذا القانون، ستضم مدونة التأمينات مصطلحات جديدة، من قبيل "حساب التأمين التكافلي" و"حساب إعادة التأمين التكافلي" و"عقد الاستثمار التكافلي" و"صندوق التأمين التكافلي"، و"صندوق إعادة التأمين التكافلي". وجرت إضافة هذه المُصطلحات إلى مدونة التأمينات تطبيقاً لتوصيات المجلس العلمي الأعلى لمنح الاستقلالية المالية والذاتية لصناديق التأمين التكافلي وصناديق إعادة التأمين التكافلي. كما يلزم القانون بشمول نظام الحكامة لمقاولات التأمين وإعادة التأمين التكافلي وظيفة للتقيد بآراء المجلس العلمي الأعلى للسهر على احترام هذه العمليات لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها. المقتضيات الجديدة تشترط في مقاولة التأمين وإعادة التأمين التكافلي أن تكون على شكل شركة مساهمة، على اعتبار أن مهمتها تنحصر في تسيير صناديق التأمين التكافلي، ما يعني أن شكل الشركة التعاضدية للتأمين لا يتناسب مع هذه المهمة. وحسب مهنيين فإن العمل بالتأمين التكافلي سيدخل حيز التنفيذ قبل نهاية السنة الجارية، وهو ما سيدفع شركات التأمين الحالية إلى الإعداد لهذا المنتوج الإسلامي لمواكبة تطور المالية التشاركية، وبالتالي المساهمة في توسيع الفاعلين في هذا المجال. وتعد مصادقة الغرفة الثانية على هذا القانون، بالغ الأهمية في المالية التشاركية، خطوة أولى، إذ يرتقب أن يمر عبر مسطرة التشريع في الغرفة الثانية، ثم صدوره في الجريدة الرسمية، ليليها بعد ذلك إصدار التراخيص للشروع في توفير التأمين التكافلي. وقد استقطب منتوج مرابحة للعقار والسيارات لدى الأبناك الإسلامية قروضاً تتجاوز 4.5 مليارات درهم، وهي كلها بحاجة إلى تأمين تكافلي، ما يعني أن الأبناك التشاركية تنتظر فقط صدور هذا القانون لاستدعاء زبائنها لإبرام عقود التأمين التكافلي، ليكونوا محميين من أي مخاطر تجعلهم غير قادرين على أداء الأقساط. يأتي هذا بعد أن انطلق العمل بالمالية التشاركية بالمغرب سنة 2017، إذ أصبحت المملكة تتوفر على بنوك تقدم منتجات توافق الشريعة الإسلامية. لكن الإقبال على هذا الوافد الجديد ينمو بشكل لا بأس به، ولعل ما أخر انطلاقته الصحيحة هو غياب التأمين التكافلي.