يشكل الطالعة الصغيرة، الذي يؤمن الربط بين باب بوجلود ومركز المدينة العتيقة بفاس، أطول زقاق بمدينة فاس العتيقة بعد "شقيقه" الطالعة الكبيرة، وهو عبارة عن سوق طويل تتوزع على جانبيه الدكاكين الصغيرة، ودور الضيافة، وورشات الصناعة التقليدية. زقاق الطالعة الصغيرة مرصوف بقوالب من الحجارة المتراصة في شكل بديع، وتتفرع عنه أزقة ضيقة ملتوية تفضي إلى المساكن وورشات الصناعة التقليدية، بينما تتراص على طوله محلات بيع المنتجات التقليدية، التي تفننت يد الصانع التقليدي في تشكيلها، وورشات صناعة شواهد القبور، حتى يخال الزائر أنه يتجول وسط متحف مشرع على الهواء. ويمكن للمتجول بالطالعة الصغيرة اكتشاف مساجده الكثيرة، مثل "مسجد سويقة بن صافي"، و"مسجد الشط" القريب من درب "الزربطانة"، والباب الخلفي لمدرسة البوعنانية، فضلا عن دروبه المفتوحة، كدرب "الحرة"، ودربي "المزدع الفوقي" و"المزدع السفلي"، وقصر المنبهي الذي يعد تحفة فنية آية في الإبداع. "يتميز الطالعة الصغيرة بعرض منتوجات فاس التقليدية، مثل البلغة، والجلابة"، يقول عبد الكريم مالحي، رئيس جمعية الفكر السليم لتجار الطالعة الصغيرة، مبرزا لهسبريس أن الزائر لهذا الزقاق يمكنه اكتشاف نفائس فاس ومآثرها التاريخية المتفردة، مثل قصر المنبهي المتواجد قرب سويقة بنصافي. قصر المنبهي، الذي بناه المنبهي، وزير الدفاع خلال عهد السلطان المولى عبد العزيز، نهاية القرن التاسع عشر، بمشاركة أفضل الحرفيين المغاربة، اكتسب شهرته التاريخية من كونه المكان الذي وقعت فيه معاهدة الحماية؛ وهو قصر يتميز بحجمه الكبير، وغنى زخارفه ونقوشه، ودقة صناعة زليجه البلدي، ويستغل حاليا كمزار سياحي تابع للخواص، إذ حوله صاحبه إلى مطعم فاخر، ومعرض للمنتجات التقليدية. رئيس جمعية الفكر السليم لتجار الطالعة الصغيرة، الذي طالب بإحداث "الماموني"، وهو سقف من الخشب، على طول الطالعة الصغيرة، لإضفاء جمالية أكبر عليه، أشار إلى أن "البازارت" ودور الضيافة الكثيرة، المنتشرة بالدروب المطلة على الطالعة الصغيرة، فضلا عن مساجده التاريخية، تضفي على هذا الزقاق ميزة خاصة؛ جعلت منه مزارا للسياحة والتسوق بامتياز. من جانبه، أوضح عابد الودغيري، أمين السر الدائم لجمعية المحافظة على التراث والأصالة، أن ما يميز الطالعة الصغيرة، إضافة إلى سقاية أبو الحسن، ما يعرف ب"التريانة"، وهو المجمع السكني الذي خصصه السلطان أبو عنان المريني للصناع التقليديين الذين استقدمهم من الأندلس لبناء مسجده بالبوعنانية. "عندما اقترب عيد الأضحى رغب العمال في العودة إلى الأندلس لقضاء هذه المناسبة مع ذويهم هناك، فكانت لهم مفاجأة من السلطان الذي أحضر لهم أفراد عائلاتهم، ومنحهم مساكن بالتريانة"، يوضح عابد الودغيري، الذي أورد أن قرب هذه الدور توجد "خراجة" (باب خلفي) خاصة بإمام مسجد البوعنانية، فضلا عن تواجد "خزرانة" لجمع الماء، كائنة غير بعيد عن "التريانة".