قالَ محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إنَّ استقلال السلطة القضائية لن يَكْتمل بدون تحقيق الاستقلال المالي والمادي للمحاكم، وإقرارِ سلطة مسؤوليها عن كافة مواردها البشرية، مشيراً إلى أن حمولة الفصل 107 من الدستور تتطلبُ تسيير السلطةِ القضائية للموارد البشرية والمالية اللازمة لها لأداء مهامها دون تدخل سلطات أخرى. وأوضح عبد النباوي، خلال جلسة افتتاحية لتقديم السنة القضائية الجديدة، أن "افتتاح السنة القضائية هذا العام يأتي في سياق إتمام مؤسسة رئاسة النيابة العامة السنة الأولى من وجودها كمؤسسة قضائية تنتمي للسلطة القضائية المستقلة"، مبرزا أن "هذا الاستقلال قد تم في نطاق أحكام الدستور، وتنفيذاً للقانونين التنظيمين حول المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة". وأورد المسؤول القضائي، بحضور كلّ من رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، ووالي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، ووزير العدل، محمد أوجار، والرئيس الأول لمحكمة النقض، مصطفى فارس، أن "هذه الجلسة الرسمية المنعقدة للإعلان عن افتتاح السنة القضائية 2019 مناسبة سانحة لانفتاحِ القضاء على محيطه، وإطلاعِ المواطنين على أهمِ توجهات الاجتهاد القضائي، والإعلانِ عن بعض الإحصائيات المتعلقة بسير القضايا بالمحاكم، ولا سيما محكمة النقض". وزاد عبد النباوي أن "هذه الجهود أصبح المجتمع يلمس نتائجها ويذوق ثمارها من خلال حرص النيابة العامة على التواصل مع المحيط، والتفاعل مع قضايا المجتمع والمبادرة التلقائية للدفاع عن مصالحه"، راجياً أن "يستمر رجال ونساء القضاء في تعبئة صفوفهم للاضطلاع بهذه المهام من أجل إعطاء صورة واضحة للمواطنين على كون النيابة العامة مؤسسة وطنية مستقلة تهدف بالأساس إلى خدمة مصالح الوطن والمواطن كما حددها الدستور والقوانين". وكشف رئيس النيابة العامة أن "السنة المنْصرمة شهدت الميلاد الحقيقي لمؤسسة رئاسة النيابة العامة باعتبارها مؤسسة قيادية داخل السلطة القضائية المستقلة، تضطلع بالدور الذي أسنده لها الدستور والقوانين إلى جانب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، دون تداخل أو تزاحم في اختصاص كل منهما، وإنَّما في إطار الانسجام التام الذي يجسد وحدة الجسم القضائي واتحاد رؤيته". وقد تجلى حرص المجلس، وفق عبد النباوي، في وضع أطر قضائية عالية المهارات رهن إشارة رئاسة النيابة العامة لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها، كما اتضح بجلاء حرص المجلس على معاملة قضاة النيابة العامة على أساس المعايير نفسها التي يتعامل بها مع زملائهم قضاة الحكم، مع حرصه على احترام مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصلين 110 و116 من الدستور المتعلقتين بالسلطة الرئاسية التسلسلية للنيابة العامة. وزاد قائلاً: "كما عين المجلس ثلاثين قاضياً إضافيا بالنيابات العامة بالمحاكم. ورغم أن هذا الرقم بعيد عن الاحتياجات الحقيقية للنيابات العامة، التي قدرناها في تقريرنا الأول بما لا يقل عن 400 قاض، وأنه لا يكاد يفي بحاجيات المحاكم الابتدائية الست التي تم افتتاحها في شهر دجنبر الماضي، فإننا نعاين خصاصاً لدى المحاكم في القضاة، يهم قضاء الحكم وقضاء النيابة العامة، وهو ما يدعونا إلى المطالبة بتخصيص مناصب مالية كافية لتعيين قضاة جدد لتلافي الخصاص الملموس بالمحاكم". وأورد عبد النباوي أن توصل رئاسة النيابة العامة بما يزيد عن عشرة آلاف شكاية خلال السنة، أكثر من 80% منها تم إيداعها من طرف المشتكين أنفسهم بشعبة الشكايات المفتوحة بمقر رئاسة النيابة العامة، دليل على ثقة المواطنين بهذه المؤسسة الجديدة التي تسعى إلى تطوير مستوى خدماتها للمتقاضين واعتمدت نظاماً لإشعارهم بمآل شكاياتهم عن طريق الرسائل الهاتفية، فيما يجري تطوير هذه الخدمات ورقمنتها لإعفاء المواطنين من التنقل، وتقليص آجال البت في الشكايات.