قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إنّ إصدار القاضي لأحكام عادلة رهين بمدى توفره على “الاستقلال الذاتي”، واشتغاله داخل مؤسسة قضائية مستقلة عن أيّ تدخلات خارجية من شأنها أن تؤثر فيه. وأكد عبد النباوي في كلمة ألقاها نيابة عنه هشام بلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، ضمن اليوم الأخير من أشغال الندوة التي تنظمها مؤسسة أكاديمية المملكة بتعاون مع الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، حول التطور الدستوري للمغرب، أنّ “استقلال القضاء هو المبدأ الأساس الذي تقاس به جودة العدالة”. وأضاف: “المراد باستقلال القضاء، الذي نصّت عليه المواثيق الدولية ومختلف الدساتير، هو أن يتوفر القاضي على الاستقلال في قراراته حتى يستطيع إصدار أحكامه استنادا إلى القانون، واعتمادا على الحجج التي يُدلي بها أطراف الدعوى في إطار محاكمة عادلة تستجيب للمعايير المقررة كونيا”. وشدّد رئيس النيابة العامة على أنّ الأحكام العادلة “تقتضي أن يكون القاضي آمنا على وضعه ومصيره، غير خاضع لتأثير أي جهة خارجية يمكن أن تواجه أحكامه أو تؤثر فيه”، مشيرا في هذا الإطار إلى ما ورد في أحد الخطابات الملكية الذي أكّد فيه الملك على أنّ “استقلال القضاء لم يشرَّع لفائدة القضاة، بل لصالح المواطنين”. واعتبر عبد النباوي أنّ استقلال القضاء يحتاج إلى استقلال مؤسساتي يوفر للقضاء حماية من كل تدخل خارج السلطة القضائية، ويمنع أي جهة من التدخل في شؤون القضاء والتأثير في قراراته، مبرزا أنّ هذا يتطلب وضع إطار مؤسساتي يحصِّن السلطة القضائية، ويحُول دون تدخل باقي السلط في تسييرها أو مراقبتها. وأكّدت الكلمة أنّ استقلال القاضي لا يجب أن يقتصر فقط على استقلاله عن الجهات الخارجية، بل يجب أن يتمتّع بالاستقلال داخل مؤسسة القضاء نفسها، حتى لا يخضع لتأثير رؤسائه من القضاة والتأثير في أحكامه، مبرزا أن هذا يتطلب وضع نظام حمائي يحصِّن قرارات القضاة من التأثر بسلطة أو نفوذ رؤسائهم داخل السلطة القضائية. رئيس النيابة العامة أشار إلى أنّ دستور 2011 ضَمِن الاستقلال المؤسساتي والذاتي للقضاة بتنصيصه على استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، أي عدم خضوع السلطة القضائية للسلطة التنفيذية أو المحاسبة البرلمانية.