مسلسل تعريب قطاع النشر المغربي يتواصل ويتكرّس بوضوح، حسب التقرير السنوي لمؤسسة عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية؛ وهو ما استنتجه بعد "تسليط الضوء على الكتب المنشورة باللغة العربية في مجالات الإنتاج الأدبي والفكري المغربي التي تتجاوز نسبَتُها 81 في المائة". المنشورات المغربية، التي عرفت فيها نسبة العناوين باللغة الفرنسية زيادة طفيفة جعلتها تحقّق نسبة 16.25 في المائة، شهدت أيضا تراجعا في المنشورات المكتوبة باللغة الرسمية الثانية للمملكة التي لم تتجاوز 41 عنوانا، بنسبة 1.37 للأمازيغية من مجموع الكتب المطبوعة؛ فيما حقّقت اللغات الأجنبية الإنجليزية والإسبانية والبرتغالية "نسبة متواضعة جدا" سجّلت فيها، على التوالي نسب 0.87 في المائة، و0.26 في المائة، و0.13 في المائة. المجلات الثقافية: منتوج هشّ ذكّر التقرير بأن المجلات الثقافية التي اعتبرها "منتوجا هشّا" بالمغرب "واحدةٌ من مرتكزات الحياة الثقافية والعلمية ومرآة عاكسة للحالة الفكرية لمنتجي المعرفة؛ لسماحها بالتداول السريع والنقاش المفتوح بين المؤلِّفين في إطار واحد يتيح إمكانات أفضل للتجريب والإبداع"، ثم عبّر عن ملاحظته أنّ "المجلّات المغربية تواجه الكثير من الصعوبات البنيوية؛ من بينها عدم الانتظام في الصدور، وتوقّف الكثير منها عن الصدور بعد مدة وجيزة من إنشائها". "هشاشة المجلات الثقافية والأكاديمية" مردّه إلى "محدودية الإمكانات الماديّة للناشرين، سواء كانوا أفرادا أو مجموعات من الباحثين". واستدلّ تقرير مؤسّسة الملك عبد العزيز آل سعود في هذا السياق بكَوْن أقدم الدوريات المغربية التي ما زالت تصدر إلى حدود اليوم، مثل "هيسبريس - تمودا" ومجلة "دعوة الحق"، تصدران عن مؤسّسات حكومية أو أكاديمية. وبلغ عدد المجلات الورقية التي تمّ إحصاؤها برسم 2017-2018 مائةً وتسعة وستين عنوانا، صدرت في 348 عددا، بمعدّل عدد واحد في السنة لكل مجلّة، مع استثناء التقرير مجموعة من النّشرات العامة أو الخاصة التي يكتسي معظمها طابعا صحافيا إخباريا. وتغطّي هذه المجلّات مجالات معرفية يتصدّرها المجال القانوني بنسبة تزيد عن 28 في المائة، تليها المجلّات التاريخية بنسبة 15.51 في المائة، ثم المجلّات المختصّة في الدراسات الأدبية بنسبة 14.34 في المائة، وأخيرا المجلّات المهتمّة بالدراسات المجتمعية بنسبة 12.35 في المائة. وقد عرف النشر المغربي للمجلّات تراجعا، حسب التقرير، مقارنة بالسنة الماضية. المنشورات الأمازيغية: هيمنة الأدب صدر، خلال 2017-2018، بالأمازيغية 41 مؤلّفا؛ من بينها: 39 نصا أدبيا، و16 مجموعة شعرية، و9 مجموعات قصصيّة، و8 روايات، و5 نصوص مسرحيّة أربعٌ منها مترجمة، وجنس أدبي واحد مختلف، فيما المؤلَّفان المتبقيان هما قاموس عربي-أمازيغي، وترجمة لمدوّنة الأسرة إلى الأمازيغية. وتستمرّ "هيمنة" أمازيغية سوس ماسة درعة، تشلحيت، في هذه السنة أيضا، على الصيغ المستعملة في النشر بالأمازيغية حسب التقرير، ب35 منشورا، في حين صدرت 5 مؤلّفات بأمازيغية الشمال تاريفيت، وكتاب واحد بلهجة أمازيغية أخرى. المؤلّفات المكتوبة بالأمازيغية لم تقتصر على استعمال حرف تيفناغ، فصدر 19 مؤلّفا بحرف مزدوج لاتيني وتيفناغ، و16 عنوانا بالحرف اللاتيني، و3 عناوين بالحرف العربي وحرف تيفيناغ، فيما اختار منشور واحد استعمال ثلاثة حروف، هي: تيفناغ، والعربية، واللاتينية. وسجّل التقرير السنوي لمؤسسة عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية "تنامي اهتمام المغاربة بالمسألة اللغوية ومختلف رهاناتها الثقافية والسياسية والاقتصادية". كما استنتج أنه، "على غرار السنوات الثلاث الأخيرة، يتأكّد أن النشر باللغة الأمازيغية لا يزال هزيلا بالرغم من الجهود المبذولة من لدن السلطات العمومية والمجتمع المدني للنهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين".