اتهم مسؤولون حكوميون ورجال دين مسيحيون في العراق منظمات دولية بانتهاك وتدنيس وسرقة آثار مسيحية، بذريعة رفع الأنقاض من كنائس تاريخية تعرضت لأعمال تخريب بشكل عشوائي، وذلك في مدينة الموصل القديمة شمال البلد. من جانبه، وجه عضو مجلس الحمدانية، لويس مرقوس أيوب، أصابع الاتهام إلى منظمة "منيماس" وشركة "جي إكس فور" البريطانية، مشيرا إلى أن سرقة الآثار جاءت بذريعة رفع الأنقاض من أربع كنائس تاريخية، بمنطقة الميدان داخل الموصل القديمة. وأوضح أيوب أن هذه الوقائع تخص كنيسة القلعة للسريان الأرثوذوكس، وكنيسة الطاهرة الكاثوليكية، وكنيستين أخريين. وتابع: "ما رأيناه لم يكن رفع أنقاض، بل كان هناك انتهاك صارخ لتلك الكنائس الدينية. كانت هناك طريقة غير مهنية لرفع الأنقاض، لأن هناك جهات دولية تهتم بالآثار ألقت على عاتقها بناء وإعادة تلك الكنائس على شاكلتها التاريخية". وذكر المسؤول الحكومي، في تصريحات ل"إفي"، أن "منيماس" و"جي إكس فور" لم تكن لديهما موافقات رسمية من قبل الجهات المختصة بالآثار في المنطقة، مؤكدا أنهما "عملتا بشكل عبثي غير مدروس". وأفاد أيوب بأن عملية رفع الأنقاض كان يجب أن تكون بإشراف من دائرة آثار محافظة نينوى، التي تعد الموصل عاصمتها، ""للآسف لم تكن موجودة تلك الجهة الرقابية حاضرة أثناء عملية رفع الأنقاض والعبث بمحتويات الكنائس التاريخية"، بتعبيره. وأوضح أيوب أن "أبرشية السريان الكاثوليك لم يكن لديها علم بما جرى من تخريب لتلك الكنائس بذريعة رفع الأنقاض". وقال المسؤول إن "ما جرى هو تدمير وتجريف للكنائس الأربع وتدمير للمآثر التاريخية لهذه المراكز الدينية". كما أكد أيوب، أيضا، أن المكون المسيحي بالموصل يخشى أن تكون هذه الأعمال ضمن جهود تستهدف محو هذه الآثار وإنهاء وجودها التاريخي في هذه المدينة. وتابع: "هناك قبور فتحت ونبشت بذريعة البحث عن الألغام، وهذا انتهاك صارخ لأن هذه القبور تعود إلى رجال دين دفنوا منذ آلاف السنين". وذكر أيوب أن "هناك مخاوف من أن تستمر هذه الأعمال حتى تطال المساجد التاريخية"، وأوضح أن هذه الأعمال لا تعزز عودة المسيحيين إلى الموصل، بل تزيد مخاوفهم وتشجعهم على الهجرة خارج أرض الوطن. من جانبها، أصدرت أبرشية الموصل للسريان الكاثوليك تقريرا عبرت فيه عن استيائها مما قامت به المنظمة الدولية، والشركة البريطانية، من تجريف وإزالة معالم أثرية ونبش قبور في كنيسة مريم العذراء الأثرية بحي الميدان في الموصل. وذكر التقرير، الصادر تحت عنوان "تقرير عن الجريمة"، أن مجموعة من الخبراء الأجانب، يصحبهم أفراد من منظمة "حمورابي"، قاموا يوم 13 يناير الجاري بتفقد الكنائس الكائنة في الساحل الأيمن من الموصل، حيث اكتشفوا "الجريمة النكراء" بحق الآثار الموجودة في منطقة حوش الخان بالميدان. وأوضحت الأبرشية أن هذه الأعمال قامت بها مجموعة تدعي بأنها مكلفة برفع الأنقاض وإزالة العبوات الناسفة الموجودة في كنيسة الطاهرة مريم العذراء، التي وضع أسسها عام 1858 وتم فتحها وتكريسها في 8 يناير 1862. وذكر التقرير أن "الوفد شهد جريمة لا تغتفر، لا تقل فحاشة ووقاحة عن جريمة تنظيم داعش، حيث كانوا يحملون الأنقاض بصورة همجية وعشوائية؛ غير مبالين بقدسية المكان ولا حرمته الدينية ولا الأثرية". وتابع: "امتدت جريمتهم إلى فتح مدفن الآباء الكهنة المدفونين تحت الكنيسة، وإحداث أضرار حتى في الكنيسة القديمة المجاورة التي يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي". وقدمت الأبرشية شكوى رسمية ضد الجهة المنفذة، وأخرى ضد محافظ نينوى باعتباره حامي المدينة والعين الساهرة على أماكن العبادة فيها، علاوة على دورها ومحلاتها. وفي هذا الصدد قال دريد حكمة طوبيا، مستشار محافظ نينوى لشؤون المسيحيين، في تصريح ل"إفي"، إن ما قامت به المنظمة والشركة البريطانية "مخالفة صريحة للقوانين العراقية". وتابع المستشار عينه: "على ضوء هذا الحادث تم تشكيل لجنة تحقيق عليا لمتابعة ملابسات القضية؛ بهدف عدم تكرار هذه الحوادث مستقبلا"، بناء على تعبيره. *إفي.