في الوقت الذي تسابق فيه الحكومة الزمن من أجل تعميم التغطية الصحية على كافة فئات المجتمع، بعد الشروع في العمل بنظام المساعدة الطبية "راميد" المستهدف للفئات الهشة والمعوزة، قال تقرير جديد حول وضع المنظومة الصحية إنّ التغطية الصحية الشاملة بالمغرب تعاني من ضبابية في الرؤية وفي تحديد المسؤوليات، على الرغم من الجهود المبذولة. وفيما تُعوّل الحكومة على نظام المساعدة الطبية "راميد" والتغطية الصحية للأجراء وأصحاب المهن الحرة، لتمتيع المواطنين بالحق في الصحة، المنصوص عليه دستوريا، قال التقرير سالف الذكر إنّ الحق في الصحة "أصبح مُتاحا لمن له القدرة على الدفع". وسجّلت الشبكة المغربية من أجل الحق في الصحة والحق في الحياة بذْل مجهودات وتحسينات على مستوى بعض المؤشرات الصحية والوبائية والديمغرافية والتخطيط العائلي في المغرب؛ لكنها أكّدت أنّ ثمّة معيقات في مجال تحقيق التغطية الصحية الشاملة. واعتبر التقرير أنّ سنة 2018 سجلت فشل نظام المساعدة الطبية "راميد"، الذي بدأ تعميمه منذ سنة 2012، بسبب عدم تمكنه من توفير التغطية الصحة الشاملة لفئة ذوي الدخل المحدود، خاصة بعد أنْ أصبح الإدلاء ببطاقة "راميد" ضروريا لتلقي العلاج مجانا في المستشفيات، أو أن يتوفر على وثائق تثبت موافقة صندوق التأمين الصحي على تغطية نفقات العلاج. التقرير أشار إلى أنّ أبناء المؤمنين المستفيدين من نظام "راميد"، والذين بلغوا السن القانوني أي 21 سنة و26 سنة، إن كانوا يتابعون دراستهم يفقدون حق الاستفادة مع أبويهم في التغطية الصحية والتأمين الصحي؛ وهو ما يجعلهم، إن كانوا عاطلين عن العمل، يصبحون في حالة عدم القدرة على أداء تكاليف العلاج ويضطر آبائهم إلى القيام بالأداء المباشر. الشبكة المغربية من أجل الحق في الصحة اعتبرت أنّ التوفر على بطاقة "راميد" يظل في أحيان كثيرة بدون فائدة، في ظل الأعطاب المتكررة لأجهزة التشخيص وفقدان الأدوية في المؤسسات الصحية العمومية. وحسب الأرقام الواردة في التقرير، فإنّ "عدم فائدة بطاقة راميد" دفع بالأغلبية الساحقة من المواطنين المنخرطين في نظام التأمين الصحي إلى اللجوء إلى المصحات والمختبرات الخاصة، مشيرا إلى أنّ القطاع الخاص يستحوذ على أزيد من 60 في المائة من المرضى و86 في المائة من المؤمّنين لدى صناديق التأمين؛ وهو ما يتمثل 9 ملايين مستفيد، في سنة 2018. وانتقدت الشبكة الإجراءات التي يتطلبها الحصول على بطاقة "راميد"، معتبرة أن شروط الحصول عليها "تعجيزية"، علاوة على أنّ صاحب الطلب "يظل ينتظر شهورا للبت في طلبه من طرف وزارة الداخلية ويحصل المواطن على وصل لا يسمح بموجبه الولوج للخدمات الصحية الاستعجالية". وأبرز التقرير أنّ الصعوبات التي تواجهها الفئات الفقيرة للحصول على بطاقة "راميد" تتجلى أيضا في ضرورة أداء المساهمة المقدرة في 120 درهما للفرد و600 درهم للأسرة؛ وهو ما جعل عشرات الآلاف من المواطنين، يضيف التقرير، لا يسحبون بطاقاتهم ولا يجددونها إلا في حالات معزولة. واعتبر التقرير أنّ الإستراتيجيات الصحية التي تبنتها الحكومة من سنة 2012 إلى سنة 2018 "مجرد تصاريح وشعارات وإعلانات سياسية، تتخللها وعود والتزامات غير قابلة للتحقيق في ظل سياسة مرتجلة دون أهداف وأولويات حقيقية وميزانية ملائمة للحاجيات والانتظارات المعبر عنها من طرف المواطنين والجهات". وحسب معطيات التقرير ذاته، فإن 9 ملايين مواطن فقط يستفيدون من التأمين الإجباري عن المرض لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي للتأمين الصحي "الكنوبس"؛ في حين أنّ نصف سكان المغرب، على الأقل، خارج أي مظلة للتأمين الصحي، إذ لم تتمكن الحكومة من توفير التغطية الصحية سوى ل46 في المائة من الساكنة، يضيف التقرير. وبخصوص نظام التأمين الخاص للطلبة، قال التقرير إنّ نتائج هذا النظام جدّ ضعيفة، إذ لم يتعدَّ عدد الطلبة المستفيدين منه 71.654 طالبا، مقارنة مع أهداف التأمين الصحي للطلبة، أغلبهم من المؤسسات التعليمية العمومية من بين 288 ألف طالب.