ستخضع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ابتداءً من سنة 2019، لمساطر جديدة لتنفيذ نفقاتها؛ وذلك في إطار التوجه الجديد الذي أعلن عنه الملك محمد السادس بخصوص المرحلة الثالثة من هذا المشروع الكبير الذي انطلق سنة 2005. ويوضح المرسوم رقم 2.18.831، وهو ضمن القوانين المصاحبة لقانون مالية 2019 الصادرة في الجريدة الرسمية، أن توزيع اعتمادات المبادرة ستوجه أساساً لبرنامج تدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزاً. كما سيتم توزيع اعتمادات المبادرة على برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشة من خلال تأهيل وصيانة مراكز استقبال خاصة بهم، واقتناء وحدات صحية متنقلة وسيارات إسعاف، وتكوين وتقوية قدرات المؤطرين، إضافة إلى برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، من خلال دعم إحداث وتأهيل المشاريع الخاصة بهم الهادفة إلى تحسين الدخل. وستوجه اعتمادات المبادرة لبرنامج الدعم الموجه للتنمية البشرية للأجيال الصاعدة، الرامي إلى دعم صحة الأم والطفل والمساهمة في محاربة سوء التغذية، ودعم مراكز استقبال الطفولة المبكرة، ودعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي، والمساهمة في تعميم التعليم الأولي والنقل المدرسي. تنطلق المرحلة الثالثة من مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ابتداءً من سنة 2019 إلى غاية 2023 وفق هندسة جديدة تقوم على تركيز البرامج على النهوض بالرأسمال البشري، والعناية بالأجيال الصاعدة، ودعم الفئات في وضعية هشاشة، وهو ما يتطلب تعبئة استثمارات تقدر ب18 مليار درهم. وتواجه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في مرحلتها الثالثة، تحدياً كبيراً في نجاعة دعمها للبرامج على المستوى المحلي والإقليمي؛ فبعد مرور 13 سنة من انطلاقها، تظهر التقييمات المختلفة أن هناك توزيعاً للموارد غير مرتبط بمعيار الفقر ومعدلات الهشاشة بين المناطق والجهات. وإذا كانت المبادرة قد ساهمت في ارتفاع عدد الجمعيات بشكل لافت في العقد الأخير، إلا أن المجتمع المدني ينظر لهذا الأمر بتحفظ، على اعتبار أن نسبة كبيرة من هذه الجمعيات التي رأت النور بفضل المبادرة غير فاعلة ومرتبطة فقط بتلقيها للدعم وفق برامج لا تعرف استمرارية بالضرورة. كما تواجه المبادرة، حسب تقارير رسمية عدة سابقة، تحدي الاستهداف الجغرافي الناجع، وضعف تنوع الأنشطة المدرة للدخل، والافتقار إلى النجاعة الاقتصادية بسبب غياب الاندماج المحكم في سلاسل القيم والبرامج القطاعية والجمعوية. ومن أجل تدارك ذلك، انكبت إدارة التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي بات يشرف عليها الوالي محمد الدردوري، على تحيين نظامها المعلوماتي، وتكييف الحكامة الترابية مع الوضع الجهوي الجديد، وتعزيز البرامج القروية الموجهة للعالم القروي.