يُدشن هذا الأسبوع مجلس المنافسة، عقب تجديد أعضائه، عمله رسميا بالنظر في الطلب الذي تلقاه من لدن الوزارة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة حول موضوع تسقيف هامش الربح في قطاع المحروقات السائلة المثير للجدل بين المهنيين والحكومة بسبب ارتفاع أسعارها، على الرغم من تحرير الأسعار وانخفاض أسعار البترول في السوق الدولية. وقال إدريس الكراوي، الرئيس الجديد لمجلس المنافسة المُعين منذ أسابيع من لدن الملك محمد السادس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن المؤسسة ستُباشر دراسة هذا الطلب عقب استكمال الهيكلة، حيث جرى أمس الأربعاء تنصيب أعضائها الاثني عشر، بعد تعيينهم بموجب مرسوم صدر عن رئيس الحكومة. وأضاف الكراوي، في تصريح للجريدة، قائلاً: "سنُباشر دراسة هذا الطلب في إطار الضوابط الذي يُحددها قانون المنافسة، أولها تبليغ مجلس المنافسة بدوافع هذا القرار ومشروعه وكل المستندات الضرورية لاتخاذ رأي سليم يتماشى مع هذا الملف". وأقر رئيس مجلس المنافسة بأن هذا الملف "جد حساس"؛ لكنه أكد أن "معالجته في مجلس المنافسة ستعتمد مقاربةً جديدةً قوامها الاستماع الواسع لكل الفعاليات المعنية بطلب الرأي بهدف بلورة رأي يُحاول أن يأخذ بعين الاعتبار كل جوانب الإشكالية وكافة الأطراف المعنية من مهنيين ومركزيات نقابية ومُنظمات للدفاع عن حقوق المستهلك والوزراء المعنيين بهذا الملف". وأوضح الكراوي، القادم إلى رئاسة مجلس المنافسة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إن هذه المؤسسة الدستورية رسمت عدة أهداف إستراتيجية ستشكل مبادئ موجهة لعملها في إطار اختصاصاتها المتمثلة في اتخاذ القرارات وإصدار التوصيات وإدلاء الرأي في الطلبات التي ستستقبلها من مختلف الفاعلين. وسيعمل المجلس، حسب الكراوي، ضمن أهدافه الإستراتيجية على حماية المستهلك المغربي من خلال صون قدرته الشرائية، إضافة إلى تأمين تموين السوق الداخلية المغربية بكل المواد الضرورية، إضافة إلى العمل على خلق مناخ للأعمال يساعد على تشجيع الطاقات الخلاقة لدى كل مكونات الحقل الاقتصادي الوطني. كما يراهن المجلس في انطلاقته الجديدة على تفعيل قانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة الصادر سنة 2014، وأهم مضامين حظر الممارسات المنافية لقواعد المنافسة وعمليات التركيز الاقتصادي، وتتجلى هذه الممارسات مثلاً في الحد من دخول السوق من طرف منشآت أو عرقلة تكوين الأسعار بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها، إضافة إلى تقسيم الأسواق أو مصادر التموين أو الصفقات العمومية. ويرى الكراوي أن تفعيل قانون حرية الأسعار والمنافسة سيُمكن المغرب من الدخول في سيرورة تجويد الاستثمار بهدف تشجيعه بشكل أكبر وأحسن وأجود، وبالتالي جعل الاقتصاد الوطني أكثر جاذبية من خلال توفير الشروط الضرورية في إطار المساواة وعن طريق محاربة الاحتكار والأساليب غير المشروعة للربح وتشجيع المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية. وفي رأي الكراوي، فإن المغرب في حاجة إلى ثورة ثقافية في مجال إشكالية المنافسة في بُعدها الاقتصادي، ويؤكد قائلاً: "يجب أن نعتمد المنافسة النزيهة؛ حتى نجعل من هذه الثقافة وسيلةً للمساهمة في التوفيق بين مصالح المقاولة ومصالح الفئات الشعبية والعمال بصفة خاصة". كما شدد رئيس مجلس المنافسة على ضرورة جعل هذه "المنافسة أيضاً عُنصراً للتوفيق بين التنافسية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية"، وختم قائلاً: "لهذا يجب على الفاعلين أن يعوا بأنه بدون هذه الثقافة لا يمكن أن نسهم في تحقيق الأمن الاقتصادي والسلم الاجتماعي والمناخ العام الضروري للاستثمار لخلق الثروة وإنعاش التشغيل".