أكد مجلس المنافسة أن قطاع المحروقات يحتاج إلى “إصلاح شامل” يجيب على الاختلالات ذات الطبيعة البنيوية التي تمس جميع مكونات القطاع. واعتبر المجلس، في رأي بشأن تقنين أسعار المحروقات السائلة قدمه رئيسه ادريس الكراوي، خلال ندوة صحفية اليوم الجمعة، أن حماية القدرة الشرائية للمستهلكين، وتموين السوق، وتنافسية القطاع، وجاذبية الاستثمار، تظل رهينة بتحقيق هذا الإصلاح البنيوي الشامل.
وانطلاقا من تحليل مشروعية طلب الرأي الموجه إليه من لدن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، وبناء على دراسة المجلس لمدى جدوى تطبيق مشروع تسقيف هوامش الربح للمحروقات السائلة، ومن أجل الإجابة عن الاختلالات ذات الطبيعة البنيوية التي يعرفها سوق المحروقات، أوصى المجلس الحكومة بالقيام بإصلاحات تنبني على أربع رافعات تهم جميع مستويات سوق المحروقات حتى تصبح أكثر تنافسية وانسجاما مع الأهداف الوطنية الاستراتيجية الكفيلة بتأمين التموين في السوق، وتحقيق النجاعة الاقتصادية، وضمان العدالة الاجتماعية. واعتبر المجلس أن إعادة الامتلاك الوطني لنشاط التكرير تكتسي أهمية بالغة، مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى أنها تساهم في استعادة التوازنات التنافسية، تمكن البنية (أو البنيات) المكلفة بالتكرير من لعب دور سلطة مضادة اتجاه المتدخلين المهيمنين في مقاطع الاستيراد، والتخزين، والتوزيع بالجملة. ولهذا السبب، أوصى المجلس الحكومة بوضع ترتيبات عملية لتشجيع الاستثمار في صناعة التكرير الخاص و/أو في إطار شراكة عمومية–خصوصية. وحسب المجلس، يمكن بلوغ هذا الهدف بوسائل أخرى أكثر تنافسية، وبتطوير مهنة المخزن المستقل. وتكمن هذه الفكرة في تشجيع الاستثمارات في قدرات التخزين من طرف الأغيار المستقلين، الذين تتمثل مهنتهم الرئيسية في تخزين المواد النفطية، وسيضع هؤلاء بنياتهم التحتية رهن إشارة الموزعين بالجملة أو المستوردين للمواد المكررة مقابل أجر عن خدماتهم. ولهذا الغرض، أوصى المجلس بوضع ترتيبات لتيسير مساطر إنشاء قدرات جديدة للتخزين، أو توسيع القدرات الموجودة، وانفتاح القطاع على المستثمرين المحتملين في قدرات التخزين بواسطة إقرار إطار تشجيعي يوضح الرؤية للاستثمار في هذا المقطع بالسوق. أما الرافعة الثانية فتتمثل في التوزيع بالجملة وبالتقسيط، الذي يعاني من عدة عوائق أمام المنافسة رغم وجود عدد هام لمحطات الوقود (2477 سنة 2018)، ويتمثل السبب الرئيسي في الطابع الجغرافي لتحديد الأسواق المعنية، وفي الطبيعة المغلقة للتوزيع بالتقسيط في هذا السوق. ومن أجل تحسين السير التنافسي للأسواق بالتقسيط، أوصى مجلس المنافسة الحكومة باستبدال نظام الرخص المطبق على محطات الوقود بنظام عادي للتصريح، وإلغاء إلزامية التوفر على شبكة من 30 محطة للوقود، وتسجيل إنشاء محطات للوقود مستقلة، وكذا حذف قاعدة التسلسل المكاني بين المحطات. وشملت توصيات مجلس المنافسة إخضاع سوق المحروقات إلى آليات مبتكرة للتقنين القطاعي، مماثلة لتلك المطبقة على مستوى صناعات الشبكات، على غرار قطاع الاتصالات. وفي هذا الإطار، أوصى المجلس بإسناد الضبط التقني والاقتصادي لسوق المحروقات إلى الهيئة الوطنية لتقنين الطاقة من أجل مواكبة القطاع والارتقاء به إلى نضج تنافسي، مع تعزيز استقلاليته. وتجدر الإشارة أن هذه التوصيات التي قدمها مجلس المنافسة، عرضت في ندوة صحفية، قدم خلالها رئيس المجلس ادريس الكراوي، رأي مجلس المنافسة بخصوص تسقيف أسعار المحروقات. وأوضح الكراوي أن المغرب في حاجة إلى مرصد وطني حول المعلومات في قطاع المحروقات لأننا لا نعلم المعلومات حول السوق بشكل دقيق، من يستورد؟، وحجم ماذا يستورد؟ إلى غيرها من المعلومات. وأبرز الكراوي أن هذه المسألة لا تهم قطاع المحروقات لوحده، بل كل قطاع على حدى، مؤكدا أن مجلس المنافسة الذي تم إحيائه حديثا تنتظره أوراش كبرى. وأضاف الكراوي أن المجلس سيقوم باستطلاعات رأي عديدة حول آراء المواطنين المغاربة عن المقاولات الاقتصادية، كما سيطلق حملات تحسيس خاصة لتوعية المواطنين بموضوع المنافسة لأن معرفتهم بها غير كافية. وأكد الكراوي أن كل هذه الأوراش تحتاج إلى خبرات عالية، وموارد بشرية كبيرة، ومجلس المنافسة لا يتوفر إلى على 10 محققين، علما أن نظيره في إسبانيا يشتغل فيه 500 محقق. وأشار الكراوي أن مجلس المنافسة بدأ مسطرة مراقبة أسعار المحروقات، وسيصدر قرارا خاصا بالموضوع، وأن هذه المراقبة غير محددة في الزمان والمكان، حيث سيعود المجلس إلى الفترة التي تم فيها تحرير المحروقات في 2015 وكان فيها المجلس مجمدا والأسعار فاحشة، وسيتسلح بالقانون ويبحث عن ماذا وقع منذ طبق التحرير إلى الآن.