لم تُفلح القوانين والتشريعات التي سنّها المغرب إلى حدّ الآن في مجال محاربة العنف ضدّ النساء في القضاء على هذه الظاهرة المُكلّفة، اجتماعيا واقتصاديا؛ فقد كشف تقرير جديد لشبكة مراكز النجدة والإيواء، التابعة لاتحاد العمل النسائي، عن استمرار العنف ضد النساء بالمغرب في منحى تصاعدي. وحسب المعطيات الواردة ضمن التقرير الذي عُرض الاثنين بالرباط، فإن العنف ضدّ النساء يطال أكثر النساء الأمّيات وربّات البيوت، ويصدُر عن الرجال الأمّيين أيضا. نسبة النساء الأمّيات ضمن مجموع النساء اللواتي تعرضن للعنف خلال سنة 2018 بلغت 32.53 في المائة، فيما بلغت نسبة النساء ربّات البيوت اللواتي تعرضن للعنف 48 في المائة من مجموع النساء المعنفات. ويتضح من خلال استقراء المعطيات الرقمية أن ثمّة علاقة وطيدة بين ضعف المستوى الدراسي للمرأة وتعرضها للعنف، إذ كلما ارتفع مستواها الدراسي قلَّ احتمال تعرضها للعنف. وهكذا بلغت نسبة النساء المعنفات اللواتي لديهن مستوى التعليم الابتدائي 28.24 في المائة، وبلغت النسبة في صفوف النساء ذوات مستوى التعليم الإعدادي 22.16 في المائة، وتنخفض نسبة العنف لدى النساء اللواتي لديهن مستوى التعليم الثانوي إلى 11.44 في المائة، و4.84 في المائة في صفوف النساء ذوات التعليم الجامعي. كما يرتبط العنف ضد النساء بالعمل الذي تمارسه المرأة؛ فإذا كانت النساء ربات البيوت يشكّلن 48 في المائة من المعنفات، فإن النسبة تنخفض في صفوف النساء الموظفات إلى 7.41 في المائة، و3.52 في صفوف الطالبات والتلميذات، و11.20 في صفوف العاملات، و7.13 في المائة من النساء ممارِسات الأعمال الحرة، و12.43 من العاملات في البيوت. وبخصوص الانتماء الجغرافي، تشير أرقام تقرير شبكة مراكز النجدة والإيواء، التابعة لاتحاد العمل النسائي، إلى أنّ 51.18 في المائة من النساء اللواتي توافدن على هذه المراكز أزيد من نصفهن يقطنّ في المناطق الحضرية، بنسبة 57.18 في المائة، وتنتمي 23.95 في المائة منهن إلى المناطق شبه الحضرية، فيما تبلغ نسبة النساء الوافدات من المناطق القروية 18.85 في المائة. ويتصدر العنف النفسي متمثلا في السب والقذف والتحقير أنواع العنف الممارس ضد النساء حسب معطيات التقرير المذكور بنسبة 61.28 في المائة، يليه العنف الجسدي متمثلا في الضرب والجرح بنسبة 56.49 في المائة، ثم العنف الاقتصادي بنسبة 32.32 في المائة، ثم العنف القانوني بنسبة 23.09 في المائة، فالعنف الجنسي بنسبة 8.05 في المائة. وبلغ عدد ضحايا العنف اللواتي استقبلتهن مراكز النجدة والإيواء التابعة لاتحاد العمل النسائي خلال السنة الجارية 9500 حالة، 92 في المائة منهن نساء، 5.50 طفلات، و2.50 من الرجال، فيما تراوح عدد المكالمات الهاتفية الواردة على المركز من طرف نساء ضحايا العنف أو من طرف أقاربهن أو من طرف قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية ما بين 15 و20 مكالمة في اليوم. مسؤولات اتحاد العمل النسائي انتقدْن بشدّة "غياب إرادة حقيقية لمحاربة العنف ضدّ النساء في المغرب. واعتبرْ هؤلاء الفاعلات الحقوقيات أنّ قانون محاربة العنف ضدّ النساء، الذي دخل حيّز التنفيذ مؤخرا، لا يضمن الحماية للنساء من العنف، "لكونه لا يتضمّن كلّ أبعاد الحماية، وهي الوقاية والتكفل وعدم الإفلات من العقاب"، حسب عائشة الخماس، رئيسة اتحاد العمل النسائي. وأضافت الخماس أنَّ توفير درجة عالية من الحماية للنساء ضدّ العنف يقتضي إدراج حماية النساء من العنف ضمْن السياسات العمومية للدولة واعتبارها قضية وطنية كما هو الحال في فرنسا، وأنْ تُخصّص لمحاربة هذه الظاهرة ميزانية كافية لتطبيق القانون فعليا، وجعْله قانونا شاملا، يضمن الوقاية والحماية والتكفل وعدم الإفلات من العقاب. وفي الوقت الذي جرى فيه سنّ عدد من التشريعات والقوانين لمحاربة العنف ضدّ النساء، قالت عائشة ألحيان، نائبة رئيسة اتحاد العمل النسائي، إنّ هذه الظاهرة ما فتئت تتنامى، ويتنوع أشكال العنف الممارسة ضدّ النساء، منتقدة عدم تنصيص قانون محاربة العنف ضدّ النساء على جميع أنواع العنف الممارسة في حق النساء في المغرب، خاصة الاغتصاب والعنف السياسي. بدورها، قالت فاطمة مغناوي، منسقة شبكة مراكز النجدة والإيواء، إنّ قانون محاربة العنف ضدّ النساء الحالي "لا يستجيب لتطلعات النساء المعنفات وأيضا لتطلعات الحركة النسائية"، مضيفة: "لقد هدر كثير من المال في الورشات والندوات والمؤتمرات، والطاقات البشرية، وفي النهاية أخرج قانون لا يعتمد المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولا يضمن حماية النساء من العنف".