شكلت دعوة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كولر، بعد إسدال الستار على أشغال الجولة الأولى من المحادثات المتعلقة بملف الصحراء المنعقدة بالمدينة السويسرية جنيف، للمشاركة في مائدة مستديرة مماثلة في الربع الأول من السنة القادمة، (شكلت) فرصة لإحياء وبعث العملية السياسية بين جميع أطراف النزاع الإقليمي المفتعل. وأكد الوسيط الأممي أن المحادثات التي استمرت على مدى يومين مرت في أجواء جادة وصريحة، وفي احترام متبادل بين جميع الأطراف، معلنا إجماعهم على قبول المشاركة في العملية السياسية المقبلة، وإسهامهم بشكل مباشر في البحث عن حل ينهي الأزمة ويساعد في تحسين حياة الناس في المنطقة. ومباشرة عقب انتهاء الندوة الصحافية التي عقدها الوفد المغربي المفاوض، قال سيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، إن "النقاش والتداول الصريح والواضح حول قضية الصحراء المغربية طبع روح المحادثات المنعقدة على مدى يومين بمدينة جنيف السويسرية في إطار المائدة المستديرة المنظمة من طرف المبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كولر". وأضاف عضو الوفد المغربي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "رئيس وفد المملكة المغربية، ناصر بوريطة، قدم خلال الندوة الصحافية الرسمية أجوبة شافية عن كل ما يتعلق بهذه المحطة المهمة"، وقال: "نحن على موعد مع محادثات جديدة في الربع الأول من السنة المقبلة في مائدة مستديرة ثانية، ودائما بحضور كل الأطراف". رئيس وفد جبهة البوليساريو، خطري أدوه، استغل المناسبة لتهنئة الوسيط الأممي كولر لنجاحه في عقد مائدة مستديرة أحيت، بحسبه، مسلسل المحادثات المتوقف منذ ست سنوات، وقال إن "المائدة يؤطرها القرار الأممي رقم 2440 الذي دعا إلى عقد هكذا محادثات للتوصل إلى حل متفق عليه غير قابل للتصرف يفضي إلى تقرير الشعب الصحراوي لمصيره". وفي تعارض تام مع توصيات الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى منطقة الصحراء، اللذين شددا من خلال القرار الأممي الملزم رقم 2440 على ضرورة استئناف العملية السياسية بحسن نية وبدون شروط مسبقة، جدد زعيم الوفد المفاوض لجبهة البوليساريو تشبث تنظيمه بالمطلب التقليدي المتجاوز المتمثل في "استفتاء يفضي إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي"، معلنا قبول مشاركة البوليساريو في أشغال المائدة المستديرة المقبلة. من جانبه، عبًر وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، عبر حسابه الرسمي ب"تويتر"، أن "بلاده ستواصل دعم جهود المبعوث الأممي هورست كولر لتنفيذ قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بنزاع الصحراء، كبلد مجاور وشريك مخلص للأمم المتحدة"، في محاولة مكشوفة من الجزائر للنأي بنفسها عن مسؤولياتها التاريخية والسياسية كطرف أساسي في النزاع. فيما كان الجانب الموريتاني أكثر واقعية، بعد أن أكد وزير خارجيته إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أن "محادثات جنيف التي دعا إليها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد هورست كولر، دارت في جو من الجدية والالتزام والصراحة والاحترام المتبادل" لافتا الى أن "جميع الأطراف قد عبرت عن استعدادها للمشاركة في طاولة مستديرة ثانية يدعو لها المبعوث الشخصي في الربع الأول من سنة 2019 محطة جنيف تسير على منوال خطة بيكر الثانية التي أرست إجراءات زرع الثقة بين الجانبين، بالتركيز على تبادل الزيارات وعقد لقاءات ثقافية وأدبية ترعاها منظمة الأممالمتحدة؛ الشيء الذي يتبين من خلاله أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يسعى جاهدا إلى تجاوز التنافر النفسي الذي خلقه الاختلاف على مستوى أطروحات الأطراف المتباينة، وعمقته السجالات السياسية النابعة من التوترات التي شهدتها المنطقة، على غرار معركة الثروات الطبيعية وأزمة الكركرات وبير الحلو، بالإضافة إلى ملف حقوق الإنسان. وتعقيبا على مخرجات محطة جنيف، قال أحمد الخريف، كاتب الدولة السابق لدى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، إن "أهم ما ورد في بلاغ المبعوث هورست كولر هو الدعوة إلى جولة جديدة من المحادثات في الربع الأول من السنة القادمة؛ الشيء الذي يدعو إلى التفاؤل بخصوص الدفع بخطوات مقبلة من أجل التوصل إلى حل دائم للنزاع المفتعل". وأردف بأن "لغة البلاغ تتماشى مع مطامح شعوب المنطقة، وانعكاسات أفق التسوية النهائية على الجانب الاقتصادي في إطار التكامل"، مشيدا ب"الأجواء الإيجابية التي ساد فيها الاحترام والنقاش المسؤول بين كافة الوفود". وفي حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، تساءل المستشار البرلماني أمين مجلس المستشارين الحالي حول مدى إمكانية تحقيق نتائج ملموسة تطال جوهر النزاع في ظل مسلسل المحادثات المعلنة، التي لا تكفي لوحدها مع وجود تباعد بين المواقف التقليدية للأطراف، ما دام المغرب يؤكد أن أقصى ما يمكن تقديمه كحل واقعي وتؤكده الخطابات الملكية، لا يخرج عن إطار الحكم الذاتي لأقاليمه الجنوبية، في وقت تتمسك فيه جبهة البوليساريو، ومن خلفها الجزائر، بضرورة تنظيم "استفتاء لتقرير المصير"، و"من هنا لا يمكن إيجاد تقارب بين الخيارات المطروحة"، يقول المتحدث. كما لم يخف أحمد الخريف تفاؤله الإيجابي بإيجاد حل نهائي للنزاع المفتعل، في ظل تفاقم التهديدات الأمنية والمتغيرات الإقليمية، وهو ما يفرض، بحسبه، إيجاد تعاون وتكامل من أجل رفع التحديات القائمة، متمنيا في الوقت ذاته "التفهم اللازم من طرف الجزائر". وختم القيادي بحزب الاستقلال تصريحه بالتعبير عن افتخاره بالمشاركة المميزة لثلاثة أعضاء من الحزب في محادثات جنيف كممثلين لساكنة الأقاليم الجنوبية بكافة مشاربهم السياسية، مشيرا إلى أن "في ذلك إقرارا واضحا بأهمية الهيئات المنتخبة من أعضاء ورؤساء الجهات كفاعل أساسي".