تتجه أعين متابعي قضية الصحراء إلى العاصمة السويسرية جنيف التي تحتضن طاولة مستديرة تجمع المغرب والجزائروموريتانيا وجبهة البوليساريو، لتُكسر بذلك حالة جمود تلت مفاوضات منهاست، التي كانت آخر محطات التقابل بين أطراف النزاع، قبل أن يستكين الجميع إلى التواجه داخل أروقة مجلس الأمن كل من موقعه، مع تغييرات مهمة في الموقف المغربي بطرحه لمقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية. الطاولة التي سيحضرها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وياسين المنصوري مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات، ورئيس جهة العيون الساقية الحمراء حمدي ولد الرشيد، ورئيس جهة الداخلة والذهب ينجا الخطاط، من المنتظر أن تشهد تقاطبات حادة، خصوصا في ظل تشبث جبهة البوليساريو بمواقفها التقليدية، والتي تضمنتها تصريحات خطري أدوه، ممثل الانفصاليين داخل الاتحاد الأوروبي، لعدة وسائل إعلام أجنبية. ويراهن المبعوث الأممي هورست كولر على ضمان نجاح خطوة تأسيسية أولى تمضي بالمفاوضات نحو الأفضل مستقبلا، مع إصراره على إشراك كل من الجزائروموريتانيا في الجلسات، لعل الأمر يأتي بجديد على مستوى تسوية النزاع، خصوصا بعد الدعوة التي وجهها العاهل المغربي إلى قصر المرداية، من أجل تجاوز خلافات الماضي وإيجاد حلول للرهانات المشتركة. وفي هذا الصدد، استبعد خالد الشكراوي، أستاذ الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس، "خلوص الطاولة المستديرة إلى حلول جذرية بخصوص قضية الصحراء؛ فالجلوس الأول يبقى من أجل تحديد آليات الحوار والنقاش"، مشيرا إلى أن "الأجندة الحقيقية لطاولة جنيف تبقى غير معروفة إلى حدود اللحظة، ومن الصعب التكهن بمآلاتها". وأضاف الشكراوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الجلسة على العموم ستحدد مستويات النقاش بين الأطراف"، مشددا على "أهمية حضور كل من الجزائروموريتانيا بغض النظر عن طبيعة حضورهما"، وزاد: "المبعوث الأممي هورست كولر له تصوره، وطرح المغاربة واضح، وبخصوص البوليساريو فهي لن تغير مواقفها الموروثة عن الحرب الباردة بحكم ارتباطها بالسياسة الجزائرية، التي تشهد صراعات كبيرة في الآونة الأخيرة". وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن "الجزائر عليها أن تدرك تغيرات السياسة الدولية في ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، داعيا إياها إلى "الاستجابة إلى دعوة الملك المغربي، وإلا فالولايات المتحدةالأمريكية تبدع جيدا في خلق الفوضى الخلاقة"، وزاد مبينا: "موريتانيا يمكن أن تلعب دورا مهما بحكم ارتباطها الوثيق بالصراع وبالمجال الصحراوي". وبخصوص وساطة مرتقبة لحل النزاع، قال الشكراوي إن "المغرب والجزائر لا يحتجان وساطة"، معتبرا "التدخل الموريتاني قد ينفع في علاقته ببعض الأوساط السياسية داخل البوليساريو، أما فيما يتعلق بالبلدين فالقرار في يد عاصمتيهما".