أوصى تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإعداد استراتيجية وطنية للاقتصاد الأزرق في المغرب بالتشاور مع جميع الأطراف، من جماعات ترابية وقطاع خاص وفعاليات المجتمع المدني. ونصت توصيات التقرير على ضرورة إرساء حكامة مؤسساتية ناجعة للاستراتيجية، من خلال إحداث لجنة وزارية مشتركة لدى رئيس الحكومة تتولى القيادة الإجرائية للاستراتيجية، وتتبع تنفيذها، وتطوير آليات تنسيق السياسات القطاعية المتعلقة بالاقتصاد الأزرق، وتحيين الترسانة القانونية والمؤسساتية من أجل الملاءمة. ويشمل الاقتصاد الأزرق، وفق منظور المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مجموع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية ذات الصلة بالواجهتين الوطنيتين للمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، ويتركز على تدبير مستدام للأنظمة الإيكولوجية والمائية والبحرية والموارد المرتبطة بها. وقال المجلس، خلال اجتماع عقده أول أمس الجمعة، إن الطموح الذي يتوجب تحقيقه في هذا الصدد هو جعل الاقتصاد الأزرق ركيزة أساسية لبناء نموذج تنموي جديد للمغرب لما يتوفر عليه من فرص نمو كبيرة. ويتوفر هذا الاقتصاد على أنشطة الصيد البحري وتربية الأحياء المائية التي تدعم مواجهة التحديات الغذائية الجديدة، إضافة إلى السياحة والترفيه البحري اللذين يساهمان في خلق فرص الشغل، ناهيك عن النقل البحري الذي يعتبر رافعة أساسية للتجارة العالمية. كما يمكن أن يوفر الاقتصاد الأزرق في المغرب فرصاً للطاقة المستمدة من المجال البحري، إضافة إلى تحلية المياه للتصدي للإجهاد المائي، زيادة على الصناعات الاستخراجية والثروات المعدنية المتوفرة في البحار والمحيطات، والبيوتكنولوجيات البحرية. ويقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو مؤسسة عمومية، أن تحدد استراتيجية الاقتصاد الأزرق أربعة أهداف كبرى على المدى الطويل؛ أولها تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتشجيع القطاعات الناشئة والاستثمار في القطاعات المستقبلية، من بينها التكنولوجيات الحيوية والموارد الجينية. ثاني الأهداف هو تسريع الانتقال الإيكولوجي للمجال البحري والمناطق الساحلية وفقاً لمفهوم الاستدامة، وثالثاً ضمان الترابط بين الماء والطاقة، وأخيراً تكريس تموقع المغرب الجيو-استراتيجي على المستوى الإفريقي والأوروبي والدولي. وأكد التقرير أن لدى المغرب سياقا ملائما للانخراط في دينامية بناء اقتصاد أزرق مستدام وقادر على الصمود، المتمثل في موقعه الجيو-استراتيجي المطل على المحيط الأطلس والبحر الأبيض المتوسط. ويتوفر المغرب على رصيد بشري مهم في المناطق الساحلية، وتبلغ نسبة الكثافة السكانية 162 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد على ساحل المحيط الأطلسي، و90 نسمة على ساحل البحر الأبيض المتوسط. كما تمتلك المملكة أيضاً رصيداً معرفياً حول البحار والمحيطات، ويبلغ عدد العاملين في البحر 6613 بحاراً، من بينهم 1231 من الضباط المسجلين، و2100 من البحارة النشيطين. وأورد التقرير أن الرصيد الطبيعي للمغرب مهم جداً لبناء اقتصاد أزرق، فهو يمتلك شريطاً ساحلياً على طول 3500 كيلومتر على الواجهتين، من بينها 957 كلم من الشواطئ، و255 من البحيرات، ويحتل المرتبة الأولى من حيث التنوع البيولوجي البحري في حوض البحر الأبيض المتوسط. ولدى المغرب تاريخ عريق في مجال الأنشطة البحرية، وهي أنشطة تساهم بحصة مهمة من الناتج الداخلي الخام، لا سيما في مناصب الشغل المرتبطة بها؛ إذ إن قطاع الصيد لوحده يخلق 700 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر. وبحسب التقرير دائما، فإن المنطقة الاقتصادية الخالصة للمغرب، المعروفة ب "zone économique exclusive"، تبلغ 1.2 مليون كيلومتر مربع، إضافة إلى جرف قاري مهم، ويقصد به الحدود في البحار والمحيطات، وقد باشر المغرب الإجراءات اللازمة لدى اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار من أجل تمديد حدوده جرفه القاري. وأفاد التقرير بأن مجال استخراج النفط والغاز من المجال البحري بالمغرب له إمكانيات واعدة، تتأكد بشكل تدريجي خصوصاً على الواجهة الأطلسية، فهو يغطي نطاق مساحة إجمالية تبلغ 400 ألف كيلومتر مربع. وما يبرز ضعف استغلال الموارد هو عدد الآبار المحفورة في الواجهة الأطلسية التي لا تتعدى 41 بئراً، وهو عدد قليل مقارنة بآلاف الآبار الموجودة في مناطق الإنتاج الواقعة على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي.