على بعد نحو 100 كيلومتر عن مدينة ورزازات، تقع قبائل آيت عفان، التابعة للجماعة الترابية إمي نولاون، قيادة توندوت، إقليمورزازات، حيث تبدو الساكنة المحلية مصرة على تحسين مستوى عيشها، رغم العوامل الكثيرة التي تصنع بؤس حياتها اليومية، خصوصا في صفوف فئة الشباب والنساء والأطفال. وكانت ساكنة قبائل آيت عفان تعيش في السنوات الماضية مشاكل عديدة في مختلف مناحي الحياة، يلخصها واقع التهميش والعزلة المفروضة على المنطقة، مما جعل تنميتها تؤجل إلى أجل غير مسمى، يقول حسن ميموني، من ساكنة بو الرمان. آراء استقتها هسبريس من المنطقة تحدثت عن النقائص الموجودة في شتى مناحي الحياة، التي دفعت العديد من السكان إلى مغادرة المنطقة صوب المدن وهوامشها من أجل إنقاذ أبنائهم من براثن البؤس والمعاناة وغياب أبسط شروط الاستقرار. كما تم التطرق إلى العديد من المجهودات المبذولة من طرف السلطة الإقليمية منذ سنة، والتي بفعلها بدأت ملامح المنطقة تتغير من حسن إلى أحسن، وفق تعبير آراء المواطنين. وتضم قبائل آيت عفان دواوير إمي نولاون، تغرا، اسمضو، آيت لحسن، تمزريت، أمزري، تكزيرت، تسكايوالت، تساوت، تيزكين، أسكا، إمضراس، تيغلي، أمقسو، تمسليت، أنميتر، أماسين، تيكلاتين، بو الرمان..."، وفق إفادة لحسيني حسن، رئيس جمعية إمرسالن للتنمية والأعمال الاجتماعية، الذي أكد أن هذه المناطق سجلت بعض التحسن في المجال التنموي في السنة الأخيرة مقارنة بالسنوات الماضية. الموقع الجغرافي تقع الجماعة الترابية إمي نولاون بجبال إقليمورزازات على حدود إقليمأزيلال. وتتميز بتضاريسها الوعرة، وهي منطقة شبه نائية، يبلغ عدد سكانها 21 060 نسمة، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط برسم سنة 2014. واعتبرت مينة المدوني، التي التقتها هسبريس بدوار بو الرمان، أن أهم ما يجب الإسراع بحله هو مشكل المواصلات من مناطق إمي نولاون نحو سكورة وورزازات، مضيفة أن "الخروج لقضاء مختلف الأغراض يصطدم بالانتظار فترات طويلة، في الحر والمطر والبرد، كما في الصباح والزوال والمساء، من أجل الحصول على وسيلة نقل تؤمن رحلتي الذهاب والإياب، ولهذا يطغى هاجس النقل على الأهالي كلما اضطروا إلى التوجه نحو المراكز والمدن المجاورة". التنمية ورغم الخصاص المسجل في العديد من القطاعات بقبائل آيت عفان، التابعة للنفوذ الترابي لجماعة إمي نولاون بإقليمورزازات، أوضح لحسيني حسن، رئيس جمعية إمرسالن للتنمية والأعمال الاجتماعية، أن "التنمية بقبائل آيت عفان أصبحت تتحسن يوما بعد يوم، خصوصا في مجال المسالك الطرقية"، مشيرا إلى أنه "كانت هناك مناطق في السابق شبه منعزلة، خاصة في فصل الشتاء، كدواوير أساكا، تيغلي، امقسو، إمضراس، أمزري، تساوت، بو الرمان، إلا أنها منذ السنة الماضية بدأت العزلة تفك عن الساكنة خلال ساعات فقط بدل أسابيع كما هو في السابق". وأكد المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هذا التغيير والتحسن جاء بفضل مجهودات العامل الحالي على إقليمورزازات، الذي يشتغل وفق مقاربة تشاركية ورؤية ذات أبعاد مستقبلية"، مضيفا "رأينا العامل الحالي على إقليمورزازات في السنة الماضية، حينما كان عاملا بالنيابة، يعاني في هذه المسالك الطرقية أكثر مما تعانيه الساكنة، بسبب الثلوج المتساقطة بهذه الجبال". وأوضح لحسيني حسن أن من بين المعاناة، التي كانت في وقت سابق تعمق جراح وآلام الساكنة، المسالك الطرقية، مشيرا إلى أن أشغال طريق أمزري وبو الرمان، التي ستكتمل في غضون أشهر، في غاية الأهمية، وأن الساكنة المحلية طالما انتظرتها. وأضاف أن هذه الطريق سترفع المعاناة عن أكثر من عشرة دواوير. ورغم المجهودات التي قالت الساكنة المحلية، في تصريحات متطابقة لهسبريس، إنها تبذل في بعض القطاعات بقبائل آيت عفان، فإن زينب آيت لحسان، من ساكنة إمي نولاون، أكدت أن القطاع الصحي بالمنطقة شبه غائب، مشيرة إلى أنه رغم وجود سيارتي إسعاف بالجماعة تحاولان تغطية المنطقة قدر المستطاع، فإن غياب التجهيزات الطبية والأدوية والأطر الطبية الكفيلة بتقديم العلاجات للمواطنين، يجعل المرضى والمرتفقين تتفاقم، وفق تعبيرها. ونوهت المتحدثة بالقافلة الطبية المنظمة، مؤخرا، التي أشرف عليها عامل إقليمورزازات، والتي استفاد من خدماتها المئات من المواطنين، مبرزة أنه رغم أن القوافل الطبية تعتبر من الحلول الترقيعية، فإن الساكنة استحسنتها، خصوصا أن ممثل "صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أوصى الأطباء بالاعتناء بالمواطنين"، ملتمسة من "المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بورزازات العمل على تجهيز المراكز الصحية بإمي نولاون بالتجهيزات الطبية والأدوية وتوفير الأطر الطبية". السياحة والفلاحة وفي حديثه لهسبريس حول تنمية مناطق جماعة إمي نولاون، أكد حميد آيت صالح، وهو فاعل جمعوي بالمنطقة، أن قبائل آيت عفان تواجه مجموعة من الإكراهات التي تعيق تنميتها، بسبب موقعها الجغرافي الذي يتسم بالوعورة وغياب الاستثمار الخاص بها، خصوصا في المجال الفلاحي والسياحي، بالرغم من توفر المنطقة على مؤهلات متنوعة، وفق تعبيره. وأضاف أن هذه المناطق تنتظر مجموعة من التحديات والرهانات الكبرى فيما يخص تنميتها، أهمها الحد من التفاوتات المجالية بين مناطق الإقليم والجهة بشكل عام، وتعزيز وتقوية البنيات التحتية، وتوجيه الاستثمار إلى هذه المناطق ذات الاستقطاب الضعيف، من أجل تحريك دينامية التنمية البشرية والاقتصادية بها. وأوضح أن "المقاربة التنموية التي ينهجها العامل الحالي على إقليمورزازات في مختلف مناطق الإقليم، وخصوصا المناطق الجبلية، من شأنها أن تحد من تلك التفاوتات المجالية التي كانت تتسم بها هذه المناطق في وقت سابق". وأبرز المتحدث ذاته أن قطاعي الفلاحة والسياحة يعتبران أهم القطاعات بالمنطقة، وأن من شأن ذلك أن يوفر فرص الشغل للشباب، ويساهم في الاقتصاد المحلي، مضيفا أنه "فقط يجب على الدولة أن تساعد الساكنة المحلية على إحداث مشاريع في هذين المجالين". آراء الساكنة حول الواقع التنموي بقبائل آيت عفان حاولت هسبريس نقلها إلى الجهات الرسمية، عبر اتصالات هاتفية متعددة، غير أن بعض المسؤولين لم يردوا على اتصالاتنا، والبعض أكد أنه لا يتوفر على معلومات كافية حول هذه المنطقة، لتبقى الحاجة ماسة إلى مخطط تنموي واضح، لتحقيق إقلاع تنموي بهذا المجال الترابي، وتجاوز تصنيفه كمعادلة انتخابية فحسب من قبل المسؤولين المنتخبين.