أجهزت آليات عملاقة، الجمعة، بترخيص من مجلس مدينة الدارالبيضاء الذي يسيّره حزب العدالة والتنمية، على قاعة سينمائية تاريخية بالمدينة ذاتها، في أقل من ثلاث ساعات، ليشرع العمال في جمع أكوام الحجارة الصخرية، التي استعملت في بناء هذه القاعة في الثلث الأول من القرن الماضي. سينما "ريو"، التي اشتهرت بعرض أفلام هوليود والأفلام الفرنسية في عهد الحماية والأفلام الهندية في فترة الاستقلال، ظلت صامدة أمام الإهمال على غرار كل القاعات السينمائية الأخرى بالعاصمة الاقتصادية، قبل أن يجري هدم خمس قاعات منها بمناطق متعددة في الدارالبيضاء. وتحلق عشرات المواطنين مساء الجمعة، وهم يتابعون بفضول عمليات جمع بقايا القاعة السينمائية، التي باشرتها شركة متخصصة في أشغال الهدم. وحاولت هسبريس الاتصال برشيد الأندلسي، رئيس جمعية ذاكرة الدارالبيضاء؛ إلا أن وجوده بدولة الكونغو حال دون أخذ تصريح له في الموضوع. وكشفت معطيات تاريخية حصلت عليها هسبريس بشأن هذا الموضوع عن هوية صاحب هذه القاعة الذي أشرف على إدارتها لسنوات عديدة في عهد الحماية؛ وهو ميستر مؤنيس لبناني الأصل، الذي كان من أشهر الداعمين للمقاومة في المدينة القديمة بالدارالبيضاء. المعطيات ذاتها، التي استقتها هسبريس من مصادر متعددة، أكدت أن هذه القاعة السينمائية التاريخية كانت تستعمل مخزنا لأسلحة رجال المقاومة الذين انتفضوا ضد الحماية الفرنسية إبان نفي السلطان محمد الخامس وباقي أفراد الأسرة العلوية، إذ سمح المشرف على إدارة القاعة السينمائية سالف الذكر لأعضاء المقاومة المغربية بإخفاء الأسلحة النارية وراء الشاشة العملاقة للقاعة؛ وهو ما ساعد رجال المقاومة على مفاجأة المعمر الفرنسي عدة مرات، في عمليات فدائية ناجحة. وتنضاف عملية هدم قاعة "ريو" إلى عمليات مماثلة استهدفت دفن التراث المعماري التاريخي والسينمائي لمدينة الدارالبيضاء، بعد أن هدمت قاعات "المامونية" و"المدنية" و"الصحراء" و"موغريب" بالمدينة القديمة.