أظهر تحليل الأدوات الحجرية وعظام الحيوانات التي عثر عليها في موقع عين بوشيريت الجزائري أن الإنسان كان موجودًا بالفعل في شمال إفريقيا منذ 2.4 مليون سنة، ما يعني وصوله إلى تلك البقعة من القارة الإفريقية، قبل 50 ألف سنة مما هو معروف. وقبل هذا الاكتشاف، كانت أقدم الأدوات والعظام المُعدلة من قبل الإنسان تعود إلى 2.6 مليون سنة وعثر عليها في موقع جونا (إثيوبيا) في شرق إفريقيا، وهي المنطقة الجغرافية التي كانت تعتبر بمثابة مهد الإنسانية. وفي هذه المنطقة تم اكتشاف بقايا 'لوسي'، واحدة من أقدم الحفريات في العالم (حوالي 3 ملايين سنة)، وأول إنسان بدائي يسير بشكل مستقيم. واعتقد معظم علماء أصول تطور الإنسان القديم، حتى نشر الدراسة الجديدة، أن مجموعات الإنسان الأول انتشرت من شرق إفريقيا إلى الشمال، وأنها فعلت ذلك منذ حوالي مليوني سنة. ويخلص تحليل أدوات الصوان التي عثر عليها في عين بوشتريت إلى أنها تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في جونا: كلاهما له حواف حادة استخدمت في ذبح الحيوانات، وكلاهما عينة من أدوات حجرية بسيطة، لحضارة أولدواي. ويدحض هذا الاكتشاف كل النظريات القديمة، حيث يدفع بفرضيتين جديدتين: إما أن احتلال مجموعات الإنسان الأول، التي امتدت من الشرق إلى شمال إفريقيا، كان أسرع بكثير مما كان يُعتقد سابقا، أو أن صناعة الأحجار نشأت في وقت واحد بين مجموعات البشر الأول. وتستند الدراسة إلى استنتاجات التحليل الحفري، لبقايا الحفريات، التي قامت بها الباحثة في المعهد الكتالوني لعلم الإنسان القديم والتطور الاجتماعي إيزابيل كاسيريس، ضمن فريق العمل. وأوضحت لوكالة الأنباء الإسبانية (إفي) "يسمح لنا علم الحفريات، بدراسة التغيرات التي تحدث في عظام الحيوانات وتحديد متى تم استخدام الأدوات لأن الحافة تلامس سطح العظام تاركة علامات ذات خصائص محددة". وأضافت الباحثة أن علامات عظام عين بوشتريت توصلنا إلى استنتاج أن هؤلاء البشر الأوائل لم يتنافسوا مع الحيوانات آكلة اللحوم فحسب ، بل استطاعوا الوصول إليها قبلهم. وتؤكد "نعرف أن هؤلاء الأشخاص قد وصلوا إلى أحشاء الحيوانات عن طريق علامات القطع الموجودة على الجانب الداخلي من الأضلاع ونوع كسر بعض العظام"، مشيرة إلى أنهم تمكنوا من الوصول إلى النخاع في الداخل. وترجع معظم عظام الحيوانات إلى البقريات الصغيرة، وخاصةً الغزلان أو الظباء ، على الرغم من وجود بقايا لحيوانات أكبر مثل وحيد القرن والفيلة وأفراس النهر. في الختام ، تشير الأدلة الجديدة التي تم العثور عليها في الجزائر إلى أن الاحتلال من شرق إفريقيا إلى الشمال، يمكن أن يكون أسرع مما كان يعتقد من قبل.