هو ضابط الإيقاع داخل رقعة الميدان، يترجَّل بخطوات ثابتة نحو صناع فرجة المدرجات، في مشهد غير اعتيادي في "دونور"، حيث أتم الإسباني خوان كارلوس الجزء الأول من مسؤوليته، ألقى تحيته على "السكوادرا" والبقية، قبل أن ينصرف لتحضير إياب نهائي "الكاف"، وعينه على اللقب القاري الذي ينتظره الشعب "الأخضر" منذ 2003، حين كتب سطوره الفرنسي الراحل هنري ميشيل. هي علاقة مد وجزر تلك التي تربط غاريدو بجماهير "الأخضر" منذ أن تولى قيادة السفينة في محيط مليء بالتقلُّبات والعواصف، وتحمَّل مسؤوليته والمركب يغرق وشعب بأكمله ينتظر عودته إلى بر الأمان، فكان الرجل حكيما في تدبير المرحلة، وامتص الغضب والانتقادات ولو على حساب شخصيته. العارف ب"كرونولوجيا" قدوم غاريدو لتدريب الرجاء يتذكر احترافية المدرب في تسلق "جبل" المشاكل التي صادفته؛ إذ لم يأت في صيف 2016 للاستجمام في شاطئ "عين الذئاب" بالدار البيضاء، كما أنه ظل حازما في رفض الخوض في "الغسيل الداخلي" للفريق، موجّها زاوية المعالجة إلى مشروع عمله وأهدافه مع "الأخضر" وفقط! هو أشبه ب "مايسترو" يُحضِّر لمعزوفته بدقة، استطاع بعد أزيد من سنة ونصف السنة أن يحوِّل "النوتات" السلبية إلى أخرى إيجابية في منظومة ناد يصعب فيه أن يعزف الجميع النغمة ذاتها، فما بالك أن تتغنى جماهيره باسمه وتردد بصوت واحد "Garrido..Allez Allez"، وهي الجماهير نفسها التي رماه بعض "الطائشين" منها بالحجارة ذات يوم "أسود" في مدينة وادي زم، لكن غاريدو أيقن حينها أن العمل وتحقيق النتائج أنجع من تدوينات "الانستغرام" وشعارات استمالة العاطفة. قد يكون ذنب غاريدو أنه أتى في الظرفية "الأصعب" في تاريخ الرجاء حتى أضحى البعض يقرن عقده بنظرية "المؤامرة" ضد النادي "الأخضر"، مركزا على الراتب السنوي الضخم الذي يتقاضاه والشرط الجزائي "التعجيزي" في حال الرغبة في الاستغناء عنه، فيما وضعه البعض الآخر ضمن "القائمة السوداء" للرئيس السابق سعيد حسبان حتى بعد أن انفرجت الأزمة وغادر حسبان النادي، ليضعه الإقصاء من نصف نهائي كأس العرش أمام "الواف" في قفص الاتهام. ولأن النتائج هي التي تحدّد مصير المدربين في آخر المطاف، فإن هذا الإسباني الذي تلاحقه الانتقادات في طريقة تعامله مع التغييرات، وحول تصريحاته في الندوات، وبخصوص خطط لعبه، يفضل الرد على أرضية الميدان، حيث يسير لدخول تاريخ النادي من أوسع الأبواب إذا استمر بثبات في هذا النسق الذي يقدم، وهو الذي أعاد "الأخضر" إلى معانقة كأس العرش بعد أن غاب عن خزينته لخمس سنوات، ومقبل على التحليق مع "النسر" في أدغال إفريقيا لتحقيق لقب ثان في مسابقة كأس الكونفدرالية، في انتظار ملاحم محلية، وعربية، ولم لا قارية أخرى، إذا طاب له المقام في مركب "الوازيس". الجزائري رابح سعدان، الأرجنتيني أوسكار فيلوني، البوسني وحيد حاليلوتزيش، الفرنسي هنري ميشيل... أسماء أجنبية طبعت تاريخ الرجاء "القاري" بإنجازات تتوارثها الأجيال، فلم يبخل الأنصار كما المسؤولون باستحضارهم كلما سنحت الفرصة، فلطالما تشبَّعت جماهير الرجاء بثقافة الاعتراف لمدربين بصموا تاريخ النادي حتى وإن لم يتوجوا بأغلى الألقاب، مثل البرتغالي خوسيه الذي رفع العلم البرتغالي في "الماكانا" تكريما له، والتونسي فوزي البنزرتي الذي حضر "ملحمة" كأس العالم للأندية مع الرجاء، وقد يصبح خوان كارلوس غاريدو بطلا رجاويا في يوم من الأيام. * لمزيد من أخبار الرياضة والرياضيين زوروا Hesport.Com