يبدو أن القرار الأممي الأخير بخصوص مراقبة سريان وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو صاحبته مطالبات من هيئة الأممالمتحدة بتسليم توضيحات حول الخروقات التي قامت بها البوليساريو على مستوى مناطق الكركارات، وكذا تجاوز المناطق العازلة غير ما مرة، بعد أن راسل محمد عمار، ممثل الجبهة داخل الأممالمتحدة، مجلس الأمن مطالبا ب"تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار". الرسالة التي تسلمها مندوب مجلس الأمن، نيفيل غابرتزي، اعتبرت أن "أزمة الكركارات تعود إلى تشييد المغرب لطريق في المنطقة"، في حين مارست الجبهة كل سبل الإعاقة والاستيطان في الحدود المغربية الموريتانية، قبل أن يأتي القرار الأممي مطالبا إياها بالانسحاب من تلك الأراضي. وزادت المراسلة أن "الأمر خطير وله عواقب وخيمة على تحديد الوضع النهائي في الصحراء". وطالبت جبهة البوليساريو، متهربة من كل الخروقات التي سجلها التقرير الأممي الأخير للأمين العام أنثونيو كوتيريس، ب"التنفيذ الصارم للاتفاقيات العسكرية التي وقعت بتنسيق مع مجلس الأمن الدولي". وفي هذا الصدد، يرى كريم عايش، الباحث في مركز الرباط للدراسات الإستراتيجية، أن "طاولة جنيف المستديرة ستدفع ببروز أمور جديدة من الجزائر عبر البوليساريو، في محاولة لتلغيم اللقاء والضغط على المجتمع الدولي قصد تحويل الاهتمام من حل للنزاع كما هو مقترح له من مجلس الأمن، إلى محاصرة للمغرب وجهوده في تنمية وتطوير أقاليمه الجنوبية، والدفع بالطاولة المستديرة إلى استعراض الاعتراضات والاتهامات بدل تسطير برنامج لقاءات وتحديد مواضيع النقاش وجدول الحاضرين والمتدخلين". وأضاف عايش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المغرب بفضل لقاء الراحل الحسن الثاني بوفد البوليساريو في مراكش سنة 1989 مهد لاتفاق وقف إطلاق النار برعاية الأمين العام الأممي آنذاك خافيير بيريز ديكويلار، لكن خطة بيكر لسنة 2004 صعبت الأمر، وجعلت حل قضية الصحراء يخضع للعبثية والمزاجية، وهو ما يتكرر الآن مع البوليساريو ومحتضنتها الجزائر، إذ تبحث في الأمور الشكلية للاتفاق وتحاول إقحام الأممالمتحدة في مراقبة أمور غير التي وضعت لأجلها". وأردف عايش: "إذا كان هؤلاء قد أعماهم المال والبذخ الذي يعيشونه لينسوا جرائم عصاباتهم بالصحراء والطائرات التي أسقطوها في الثمانينيات بدون سبب، فإن التاريخ لم ينس، وهو ما دفع المغرب إلى تدعيم أمنه وأمن المنطقة عبر جدار أمني دقيق تمكن من تقزيم هؤلاء وإرهابهم. وكان الأحرى بالأممالمتحدة أن تنظر إلى الملف على أنه من تبعات الحقبة الكولونيالية، وتقوم بترتيب النتائج على الدول الأوروبية وليس القبول بخدع توسعية ناشئة ومصالح مرحلية ضيقة، وهو ما تسعى الجزائر عبره إلى جمع ملاحظات في رسالة جديدة لن تقدم أو تأخر في الأمر من شيء". وأكمل المتحدث: "الأعراف الدبلوماسية تقتضي التركيز على الإعداد الجيد للطاولة المستديرة وتوفير مواد عملها، قصد إبداء الجدية اللازمة بعيدا عن شغب اللقاءات وبكائيات الاستجداء؛ فالمفاوضات هي المكان المناسب لتقديم التحفظات والاعتراضات وتحديد نقط الخلاف والاتفاق، قصد فتح المجال لكل القضايا".