من أجل مدرسة جديدة، مدرسة الإنصاف البيداغوجي وتكافؤ فرص الحياة والنجاح في سياق ما يحدث، على خلفية قرار حكومتنا الموقرة باعتماد توقيت جديد (غرينيتش + ساعة)، وما واكب ذلك من سلوكات وأحداث، من تأويلات وتفسيرات، من تحليلات وانتقادات، من خطابات ولقاءات واجتماعات، من تدابير وإجراءات. وجب القول، أولا: لست مع الذين جعلوا من المدرسة مشجبا تعلق عليه كل الخطايا وكل الانحرافات وكل السلوكات المشينة، فما المدرسة إلا مرآة المجتمع، بل هي المرآة المصقولة الحساسة التي تظهر كل ما يشتغل في المجتمع من قيم ومن أطر. وفي نفس الوقت لست مع الذين يبرئون المدرسة ويجعلونها ضحية، لأنها المؤسسة التي أوكل عليها المجتمع وفوض إليها أمر تربية النشء وترسيخ القيم وتجديد النخب وتزويد المجتمع بالكفاءات من المؤهلين والعاملين الصالحين للإسهام في البناء المتواصل لوطنهم على جميع المستويات. فما أحوجنا اليوم إلى مدرسة جديدة، مدرسة تنتج الخبرات الحقيقية ذات الصلاحية للتوظيف في الواقع الحقيقي لا الافتراضي، خبرات ذات فائدة مباشرة ومنظورة بدل أن تبقى مدرسة لتوزيع المعارف الخامة على المتعلمات والمتعلمين كل ومستواه الدراسي لتعود مرة أخرى إلى استرجاعها بمناسبة أو غير مناسبة. ما أحوجنا إلى مدرسة تنتج المعنى، معنى الحياة المشتركة، معنى الوجود الفردي والجماعي، معنى الوطن والمواطنة، معنى الإنسان والإنسانية. ما أحوجنا إلى مدرسة توفر فرصا حقيقية لتنويع المقاربات البيداغوجية وتنويع الحوامل المعرفية وتنويع وضعيات التعلم، وتوفر شروطا حقيقية لوقوع التعلم وإنتاج المعرفة ومن هذه الشروط نذكر المساحات الزمنية الكافية التي تتناسب، فعلا ، وغالبية إيقاعات المتعلمات والمتعلمين في التعلم، وتسمح باشتغال استراتيجيات تعليمية وتعلمية مختلفة تحترم التنوع والاختلاف والفروقات الفردية. ومن بين هذه الاستراتيجيات مسرحة المعرفة المدرسية فنجعل المتعلمات والمتعلمين يعيشون هذه المعرفة ويعيشون تعلماتهم ويعيشون لحظاتهم ويعيشون مدرستهم بدل أن تبقى هذه المدرسة مجرد فضاء سالب لحريتهم ، فضاء محبط لإمكانياتهم وميولاتهم ورغباتهم واهتماماتهم، فضاء غير قادر على تلبية حاجتهم الحقيقية. ويمكن التعبير عن ذلك على لسان تلميذ في حوار عابر حول المشروع التربوي للمدرسة "أنا لا أفهم ما تناقشون، لا أفهم ما تريدون، لا أفهم كيف تنظرون إلينا. أنا، تلميذ، لا أريد المدرسة التي تأخذ مني حياتي، فأنا لا أجد الوقت لأعيش ما أريد، ولا أتعلم ما أريد ولا كيف أريد، وأمامي مستقبلي الذي لا أعرف عنه شيئا. أنا لم أولد لأرهن طفولتي وشبابي بين الجدران ، أستمع إلى الذين يقولون ثم يطلبون وينصرفون، أريد مدرسة أعيش فيها طفولتي وأمارس فيها هواياتي وأبني فيها مستقبلي". ما أحوجنا إذن إلى التفكير الحقيقي في الشأن التربوي انطلاقا مما يريده هذا التلميذ ومما لا يريده. ما أحوجنا، إذن، إلى مدرسة الإنصاف البيداغوجي وتكافؤ فرص الحياة والنجاح. هي فقط كلمات من وحي اختتام الدورة التكوينية حول "تقنيات المسرح المدرسي" التي نظمتها المديرية الإقليمية بشفشاون يومي الجمعة والسبت 16 و 17 نونبر 2018 ، تفعيلا للشراكة القائمة بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وجمعية أصدقاء محمد الجم للمسرح المدرسي والهيئة العربية للمسرح بالشارقة ، تحت شعار " من أجل مدرسة مواطنة"، واستفاد منها ثلة من منسقات ومنسقي نوادي التواصل والثقافة والمسرح بالمؤسسات التعليمية، وكان لي شرف افتتاح أشغالها ومواكبة لحظات اختتامها إلى جانب ثلة من الأطر التربوية. وبحضور مبدع ل "عصافير المدينة الساحرة" بقيادة الفنان المسرحي المبدع عبد المجيد أزراف.