بعد أن خَفت صوت الشارع الرافض لتطبيق توقيت "غرينيتش+1" على طول السنة بالمملكة، وصلت المعركة القانونية إلى محكمة النقض في العاصمة الرباط، عن طريق محام يسعى إلى الطعن في مرسوم الساعة القانونية وإيقاف تنفيذه. صاحب المبادرة هو المحامي الحسين الراجي، المنتمي لهيئة مراكش ومقبول للترافع لدى محكمة النقض، وقد تقدم بمقال لدى محكمة النقض في الرباط ضد رئيس الحكومة والوكالة القضائية للمملكة من أجل إيقاف تنفيذ المرسوم المتعلق بالساعة القانونية. كما تقدم المحامي نفسه رئيس نقابة المحامين بالمغرب بمقال آخر يرمي إلى الطعن في المرسوم الذي أقرته حكومة سعد الدين العثماني قبل أسابيع، ودخل حيز التنفيذ بسرعة كبيرة بعد نشره في الجريدة الرسمية، وهو ما أثار نقاشاً كبيراً في البلاد. وينص المرسوم رقم 2.18.855 الصادر في 15 صفر 1440 الموافق ل25 أكتوبر 2018، المعني بالطعن، على إضافة 60 دقيقة إلى الساعة القانونية)، الذي احتفظت من خلاله الحكومة بالتوقيت الصيفي الذي كان معمولاً به بمقتضى المرسوم السابق عدد 2.12.126، والذي كان سينتهي العمل به بتاريخ 28 أكتوبر 2018. وأسس المحامي طلبه، المودع لدى الغرفة الإدارية لدى محكمة النقض، بكون المرسوم شابته عيوب، من بينها أساساً "التجاوز في استعمال السلطة، لعدم انعقاد الاختصاص للحكومة لإصدار المرسوم المطعون فيه بالنص الصريح للفقرة الثانية من المرسوم الملكي عدد 455.67، الصادر بتاريخ 23 صفر 1387 الموافق 2 يونيو 1967، فضلا عن انحراف السلطة التنفيذية عن الدور والمهمة المنوطة بها لتفعيل حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين". غياب السند القانوني يعتبر ملف الطعن لإيقاف تنفيذ المرسوم، الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، أن هناك "غياباً للسند القانوني وخرقاً للمبادئ الدستورية"، مضيفا أن "تنفيذ المرسوم المذكور تترتب عنه انعكاسات سلبية تمس بالأمن الاجتماعي والاقتصادي، والأمن الصحي والروحي لعموم المواطنات والمواطنين، والتي تمثل حالة استعجال قصوى يستوجب درؤها إلى حين البت في الطعن المثار في المرسوم المذكور". أما ملف الطعن في المرسوم، فقد اعتبره متسماً ب"الشطط في استعمال السلطة وتجاوزها لصدوره عن جهة لا تنعقد لها الولاية لإصدار المقررات التنظيمية لتغيير التوقيت المعمول به المحدد بالتراب الوطني بواسطة مرسوم ملكي، فضلًا عن أن هذا المرسوم قد انحرف بالسلطة التنفيذية عن دورها ومهمتها في حماية الحقوق والحريات، وتحقيق الامن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي". وليوضح عدم اختصاص الوزارة التي أصدرت المرسوم، يقول ملف الطعن "إن الجهة المصدرة لهذا المرسوم اعتمدت في تأسيسه على المرسوم الملكي عدد 455.67 الصادر بتاريخ 23 صفر 1387 الموافق ل 02 يونيو 1967، الذي نصت فقرته الثانية من فصله الأول على وجوب تغيير التوقيت بنفس المرسوم الملكي المحدد للتوقيت القانوني للمملكة، وهو ما يغل يد الحكومة عن إصدار أي مرسوم لتغيير التوقيت القانوني". ويؤكد المحامي أن "إضافة ستين (60) دقيقة إلى التوقيت القانوني، وبمقتضى الفقرة الثانية من المرسوم الملكي، يجب أن تتم بموجب مرسوم ملكي وليس بمرسوم حكومي، استناداً لوجوب صدور القوانين عن الجهة المختصة، وتكريسا لمبدأ تراتبية القوانين". مراعاة المصلحة العامة الطعن اعتمد أيضاً على معطى مراعاة المصلحة العامة باعتبارها أصل التشريع ومناطه وغايته، ويقول: "يتطلب من جميع الشرائح الاجتماعية، أطفالا متمدرسين وآباء وأمهات وعمالاً وموظفين ومرتفقين وغيرهم، الاستيقاظ تحت جنح الظلام والتوجه إلى العمل وولوج المدارس ومقرات العمل قبل الشروق، وكل هذا يؤدي إلى الرفع من استهلاك الطاقة بجميع أنواعها". كما يعتبر المحامي الحسين الراجي أن "المرسوم المطعون فيه يفتقر لشرط المعيارية الذي يجب أن يسود التشريع؛ وذلك لعدم أخذه بعين الاعتبار عوامل الاستقرار والملاءمة والمرونة، كخصائص تميز المعيار القانوني عن الأدوات التقنية القانونية الأخرى، فضلاً عن انتفاء شرط الولوج إلى المرافق العامة، خاصة بالنسبة للمرتفقين البعيدين عن هاته المرافق". أكثر من هذا، فالطعن يعتبر أن المرسوم "فيه خرق للمبادئ الدستورية التي تنص على حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، وتمنع المس بأمنه الاجتماعي والاقتصادي وأمنه الصحي والروحي، وذلك وفق ما نص عليه الدستور في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية".