قال محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة: "نجتمع اليوم لنتناول بالدراسة موضوعا مهما أصبح يثير الكثير من النقاشات القانونية والفقهية، بالنظر إلى التطور التكنولوجي الذي يعرفه العالم، وهو حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي". عبد الرحيم حنين، رئيس قطب تتبع القضايا الجنائية وحماية الفئات الخاصة، الذي ألقى كلمة رئاسة النيابة العامة، أوضح نيابة عن عبد النباوي "ألا أحد يستطيع أن ينكر اليوم أهمية التكنولوجيا الحديثة في حياتنا اليومية، فقد سمحت الإعلاميات بتسريع عمليات الإنتاج والإدارة، كما سهلت الاتصالات وأسهمت في تعزيز قدرات أجهزة الأمن في الوقاية من الجريمة وضبط الجناة". وخلال الجلسة الافتتاحية لانطلاق أشغال اليوم الدراسي حول "دور النيابة العامة في حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي"، الذي نظم الإثنين بمراكش، أبرز الرئيس نفسه أن "هذا التطور التكنولوجي رافقه ظهور مخاطر جديدة، ارتبطت أساسا بالتماس الملحوظ بين التطور التكنولوجي وازدياد مستوى الاتصال عن بعد من جهة، وتهديد الحق في الخصوصية من جهة أخرى، على نحو فرض توسيع نطاق حماية الحياة الخاصة". وأمام ممثلي اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، استطرد المتحدث ذاته: "إن حقوقا جديدة ظهرت، من قبيل الحق في الصورة والحق في النسيان والحق في عدم الاتصال، والحق في حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي"، مضيفا: "ونظرا لتزايد مستوى المخاطر التي تهدد للحياة الخاصة للأفراد، خاصة في ظل الانتشار الواسع لاستعمال المعطيات الشخصية، سواء في القطاع العام أو الخاص، أو على مستوى التجارة الإلكترونية وعبر شبكات الإنترنت، فالمغرب أرسى إطارا مؤسساتيا وقانونيا حديثا وفعالا لتحقيق التوازن بين الانتفاع الشامل بمزايا التكنولوجيا الحديثة من جهة ومواجهة مخاطرها من جهة أخرى". وفي معرض حديثه عن إجراءات المغرب، أوضح عبد النباوي أن "المملكة اعتمدت إستراتيجية وطنية للأمن الرقمي وحماية الأنظمة المعلوماتية، كان من تجلياتها بناء منظومة قانونية متكاملة، توازن بين تحقيق هدف المغرب الرقمي وتوسيع نطاق المعاملات الإلكترونية، وبين تحقيق الأمن المعلوماتي وزجر كل الممارسات التي تهدد سلامة الأنظمة المعلوماتية، إذ تم سن قانون حول التبادل الإلكتروني للمعطيات من أجل تنظيم آليات التشفير والتوقيع الإلكتروني وتحديد القيمة القانونية للوثائق والالتزامات الإلكترونية". ولم يفته التذكير بأن "القانون 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه حماية معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، الذي حدد نطاق الحماية، ومفهوم المعطيات ذات الطابع الشخصي وتأييد الأحكام الخاصة بحمايتها بجزاءات مناسبة، فضلا عن تنظيم مسطرة ونطاق استعمال تلك المعطيات، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالأبحاث الجنائية أو بالتعاون القضائي الدولي، جاء في سياق انخراط المغرب في مجال حماية هذه المعطيات". وأكدت الكلمة ذاتها أن "الدينامية التي عرفتها بلادنا في المجال الحقوقي، بما يشمله من حماية للحياة الخاصة للأفراد، لا يمكن أن تحقق النتائج المرجوة منها ما لم تواكب السياسة الجنائية باقي السياسات العمومية الرامية إلى توفير الحماية الكافية للحياة الخاصة للأفراد؛ ولذلك فإن رئاسة النيابة العامة جعلت من أولوياتها حماية حقوق الأفراد والجماعات، ووضعت برنامجا لتفعيل القانون المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي". وزاد عبد النباوي موضحا: "لقد تم تعيين نائب بكل محكمة مختص بهذا النوع من القضايا، كما تم العمل بتنسيق مع اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي على تنظيم هذا اليوم الدراسي، والذي سيكون مناسبة لتحسيس قضاة النيابة العامة بأهمية تفعيل القانون 09.08، والوقوف على نتائج تطبيقه والإشكالات القانونية الناجمة عن أحكامه، وتبادل وجهات النظر حول سبل التطبيق الفعال للقوانين ذات الصلة بحماية الحياة الخاصة للأفراد"، بتعبيره.