قال لوران لاموث، رئيس وزراء هايتي السابق، إن حملة المقاطعة التي همت ثلاثة منتجات استهلاكية في المغرب ساهمت فيها مصانع متخصصة يطلق عليها "usine à trolls"، تتمثل مهمتها في توظيف أشخاص لفتح أكبر عدد ممكن من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف لوران خلال حديثه في ندوة حول الأخبار الزائفة ضمن أشغال المنتدى الدولي "ميدايز بطنجة" أن التحقق من المعلومات المنتشرة في الأنترنيت أمر صعب للغاية، خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأنها، معلومات غير موثوق منها قد تروجها ملايين الحسابات المزيفة في "فيسبوك" و"تويتر" لمهاجمة أشخاص معينين لأسباب معينة ومحددة. وأورد لاموث، الذي يملك مؤسسة متخصصة في التكنولوجيات الحديثة، أن "الأنترنيت عالم حر، والمعلومات تنتقل بسرعة وهذا أمر جيد، لكن هناك شركات ودولا وأشخاصا يستغلون هذه الحرية الرقمية لأغراض عدة من خلال تغيير المعلومات بهدف التأثير وتحقيق مصالحهم وتدمير سمعة أشخاص معينين". واعتبر المتحدث أن "السمعة الرقمية للأشخاص في عصرنا ليست مرتبطةً بحياتهم الحقيقية، بل بالمعلومات التي يكشفها محرك البحث جوجل أو الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فحملات الانتقادات الشاملة يمكن أن يكون ضحيتها أي شخص وفي أي زمان ومكان، سواء تعلق الأمر برئيس دولة أو موظف بسيط تشاجر مع زميله في العمل، ويتم تشويه السمعة بسرعة البرق". وأوضح لاموث أن ما يسمى ب "usine à trolls" هي شركات تقوم بتشغيل أشخاص مهمتهم الوحيدة هي فتح حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن يفتح عدداً أكبر ينال تعويضاً أكثر، كما أشار إلى أن التوجه الجديد في هذا الصدد هو استعمال "روبوتات" من أجل القيام بهجمة أو هجمتين محددتين سلفاً لتغيير فكرة المجتمع حول قائد سياسي أو رجل أعمال. وتتوفر هذه المصانع، حسب لاموث، على شركات خاصة بإنتاج شرائط فيديو وما يسمى ب"سكرين شوت"، ويتم تضمينها معلومات مزيفة لتنتشر بسرعة البرق، والهدف من كل ذلك هو تغيير إدراك سياسي أو فكرة سائدة بخصوص زعيم سياسي أو رئيس شركة أو السيطرة على سمعة شخص ما من خلال تحقيره وتشويهه حتى وإن كان خيّراً. ولفت لاموث إلى أننا نعيش تحت وقع مثل هذه الأمور حالياً، مورداً مثال الانتخابات الأمريكية والتأثير على "البريكسيت"، وأضاف قائلاً: "المغرب كذلك شهد ثلاث حملات في هذا الصدد تجاه أشخاص مختلفين"، في إشارة إلى حملة المقاطعة التي همت ثلاثة منتجات استهلاكية. ما الحل لهذا الأمر؟ يقول لاموث إن الأمر صعب، لكنه اعتبر التوجه الحالي في الاتحاد الأوروبي لحماية الحياة الشخصية للأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي أمرا مهما في هذا الاتجاه، وأضاف: "يجب أن تكون هناك قوانين من أجل تأطير هذا الأمر لأن هذه المواقع توجد فوق كل القوانين، فلا يمكن لأي شخص أن يهاجم أي شخص". أما سيلفان أتال، مستشار استراتيجي فرنسي، فقد قال خلال الندوة نفسها: "هناك ما هو أخطر فيما يتعلق بالأخبار الزائفة، وهو نشر خطاب الكراهية ونظرية المؤامرة، هذه الأخيرة يقبل عليها الناس بشكل كبير لأنها بسيطة أكثر من الحقيقة المعقدة". وأضاف أن "الأخبار الزائفة ليست ظاهرة جديدة؛ لقد كانت حاضرة منذ زمن، الجديد أنها تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة تفوق أكثر من خمس مرات سرعة انتشار الحقيقة. هذه حقيقة، الناس يحبون الأخبار الزائفة!" واعتبر الباحث الفرنسي أن تحقيق حكامة حقيقية للأنترنيت هي السبيل لاسترجاع التحكم في حياتنا الرقمية، لكنه حذر أن "الخطير في الأمر أن فيسبوك يكذب بخصوص عدد مشاهدات الفيديو بهدف تشجيع الناس على نشر فيديوهات أكثر، ويبقى السؤال كيف يمكن محاسبة فيسبوك وتويتر وباقي عمالقة الأنترنيت القادمين كلهم من السيليكون فالي في الولاياتالمتحدة الأميركية؟". يبقى هذا الأمر صعباً، حسب سيلفان، لأن الكونغرس الأمريكي نفسه لم يقدر على محاسبتهم فعلياً، وأشار في المقابل إلى ظهور توجه لمغادرة "تويتر" و"فيسبوك"، خصوصاً من طرف فئة من الشباب والصحافيين. وخلص سيلفان إلى القول إن "الأمر فعلاً مضيعة للوقت؛ إذ لم تعد هذه المواقع الاجتماعية تقتصر على الترفيه وتبادل المعلومات، وهذا تعاظم بعد فضيحة كامبردج أناليتيكا التي كشفت بيع معلومات مستخدمي فيسبوك".